المنساق من مثل هذا المرسل ونظائره الرخصة في الصلاة جالسا لمن لا يقدر على أن يأتي بصلاته عن قيام ، سواء لم يقدر على القيام أصلا أو قدر عليه في بعض صلاته لا في مجموعها ، فإطلاق مثل هذا الخبر قد يكون منافيا لما حقّقناه فيما سبق تبعا للمشهور من وجوب الإتيان بما يمكن من القيام ولو في بعض صلاته إلّا أنّ الإطلاق جار مجرى الغالب من صعوبة أصل القيام وكونه تكليفا حرجيّا في من بلغ حاله إلى هذه المرتبة من الضعف ، فلا ينهض مثل هذه المطلقات مخصّصة للأدلّة المتقدّمة الدالّة على عدم سقوط ميسوره بمعسوره ، خصوصا بعد الالتفات إلى سعة دائرة الحرج وكفاية أدنى مشقّة في رفع التكاليف عن المريض والعاجز الذي يناسبه الإرفاق والتوسعة في تكاليفه ، كما لا يخفى على من لاحظ أحكامه.
وقد ظهر بما ذكر توجيه التحديد الوارد في المرسل ـ المرويّ عن كتاب دعائم الإسلام ـ عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عن عليّ عليهمالسلام قال : «إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله سئل عن صلاة العليل ، فقال : يصلّي قائما ، فإن لم يستطع صلّى جالسا ، قيل : يا رسول الله فمتى يصلّي جالسا؟ قال : إذا لم يستطع أن يقرأ بفاتحة الكتاب وثلاث آيات قائما ، فإن لم يستطع أن يسجد يومئ إيماء برأسه يجعل سجوده أخفض من ركوعه ، وإن لم يستطع أن يصلّي جالسا صلّى مضطجعا لجنبه الأيمن ووجهه إلى القبلة ، فإن لم يستطع أن يصلّي على جنبه الأيمن صلّى مستلقيا ورجلاه ممّا يلي القبلة ويومئ إيماء» (١) حيث إنّ هذه الرواية أيضا كسائر المطلقات جارية مجرى الغالب ، فلا يظهر منها ما ينافي المشهور ، فليتأمّل.
__________________
(١) دعائم الإسلام ١ : ١٩٨ ، بحار الأنوار ٨٤ : ٣٤٢ ـ ٣٤٣ / ١٦ بتفاوت يسير في بعض الألفاظ.