في الثانية فعكس ذلك سهوا ، أو قرأ القدر في الثانية باعتقاد أنّها الأولى أو بالعكس ، أجزأه.
وكون وجوب الفاتحة في الأوليين عينيّا وفي الأخيرتين تخييريّا لا يصلح فارقا بين المقامين بعد ما أشرنا إليه من أنّ العبرة في صحّة أجزاء الصلاة حصولها في محالّها بقصد الجزئيّة للصلاة المنويّ بها التقرّب ، لا بحصول إطاعة الأمر الخاصّ المتعلّق به كي ينافيه الاشتباه.
ولكن هذا فيما إذا كان حصوله بهذا الوجه كافيا في وقوعه على الوجه الذي اعتبره الشارع جزءا من الصلاة ، وكونه كذلك في المقام محلّ تأمّل خصوصا بعد الالتفات إلى ما يستفاد من الأخبار المتقدّمة في صدر المبحث من أنّ وظيفة الأوليين من حيث هي القراءة ، ووظيفة الأخيرتين التسبيح والذكر ، وإنّما يجتزئ بالفاتحة في الأخيرتين لأنّها تحميد ودعاء ، فيختلف وجه وجوبها في المقامين ، فما لم يقصد بقراءتها وجه وجوبها ولا إطاعة الأمر التخييري المتعلّق بها في الأخيرتين ، بل إطاعة أمر آخر غير منجّز في حقّه لا يحصل الجزم بوقوعه على الوجه الذي أراده الشارع ، فيشكل الاكتفاء به في مقام الإطاعة ، بل يجب في مثله الاحتياط كما عرفته في مبحث النيّة ، فالقول بالاستئناف مع أنّه أحوط لا يخلو عن قوّة.
وكذا فيما لو كان عازما على اختيار التسبيح ولو بمقتضى عادته ، فجرى على لسانه الحمد سهوا ، بل مرجع هذا الفرض لدى التحليل إلى الأوّل ؛ فإنّ جريانه على اللسان بعد فرض عدم اعتياده القراءة في الأخيرتين لا يكون إلّا لأجل الغفلة عن كون ما بيده الثالثة والجري على حسب ما تقتضيه عادته في الأوليين.
نعم ، لو نشأ ذلك عن الغفلة عن عزمه على اختيار التسبيح والجري على حسب الداعي المغروس في نفسه الباعث له على إيجاد أجزاء الصلاة