فالأقوى في المقام هو ما عرفت من تقديم القيام حال القراءة ؛ إذ لم يتعلّق العجز به ، ولم تثبت أهمّيّة غيره ـ أي القيام للركوع ـ كي يستقلّ العقل بجواز تركه مقدّمة.
نعم ، ما ورد في قيام الجالس في آخر السورة (١) ربّما يؤيّد تقديم حال الركوع ، ولكنّه لا ينهض لإثباته ، والله العالم.
وبما أشرنا إليه ـ من استقلال العقل بوجوب تقديم الأهمّ من الواجبين المتزاحمين ولو مع تأخّره في الوجود ـ ظهر حكم ما لو دار الأمر بين القيام والإيماء للركوع والسجود وبين الجلوس والإتيان بهما معه ؛ إذ لا مجال للارتياب في أهمّيّة الركوع والسجود من القيام خصوصا بعد الالتفات إلى ما ورد من أنّ «الصلاة ثلث طهور ، وثلث ركوع ، وثلث سجود» (٢) وأنّ «أوّل الصلاة الركوع» (٣) وغير ذلك ممّا يشهد بأنّ الاهتمام بهما أشدّ من الاهتمام بالقيام.
مضافا إلى ظهور المستفيضة ـ التي ورد فيها الأمر بالصلاة جالسا لمن لا يستطيع أن يصلّي قائما (٤) ـ في الرخصة في الصلاة جالسا لمن لا يستطيع الإتيان بالصلاة المتعارفة المشتملة على الركوع والسجود عن قيام ، كما نبّه عليه شيخنا المرتضى (٥) رحمهالله.
__________________
(١) راجع الهامش (٣) من ص ٢٩.
(٢) الكافي ٣ : ٣٧٣ / ٨ ، الفقيه ١ : ٢٢ / ٦٦ ، التهذيب ٢ : ١٤٠ / ٥٤٤ ، الوسائل ، الباب ٩ من أبواب الركوع ، ح ١.
(٣) التهذيب ٢ : ٩٧ / ٣٦٢ ، الوسائل ، الباب ٩ من أبواب الركوع ، ح ٦.
(٤) الفقيه ١ : ٢٣٥ / ١٠٣٣ ، و ٢٣٦ / ١٠٣٧ ، عيون أخبار الرضا عليهالسلام : ٢ : ٦٨ (الباب ٣١) ح ٣١٦ ، الوسائل ، الباب ١ من أبواب القيام ، الأحاديث ١٣ ، ١٥ ، ١٨.
(٥) كتاب الصلاة ١ : ٢٣٧.