ويتوجّه على جميع هذه الوجوه إجمالا ـ بعد الغضّ عمّا يتوجّه على كلّ واحد منها من المناقشات ـ أنّه لو قرأ شخص الفاتحة أو سمعها من آخر والتفت إلى ما تضمّنته من طلب الهداية ونحوه فتكلّم بكلمة «آمين» قاصدا بها سؤال إجابة ذلك الدعاء من الله تعالى وإن لم تكن الدعائيّة مقصودة لمن قرأها ، فقد استعمل هذه الكلمة في محلّها ، وصدق عليها اسم الدعاء عرفا.
سلّمنا عدم صدق اسم الدعاء عليها ، بل كون استعمالها في مثل هذا المكان لحنا ، ولكنّها لا تخرج بذلك عن كونها مناجاة مع الربّ ولو بكلمة ملحونة ، فتندرج في موضوع قوله عليهالسلام : «كلّ ما ناجيت به ربّك فهو من الصلاة» (١) لو لا الأخبار المتقدّمة الناهية عنها المخصّصة لمثل هذه العمومات.
هذا ، مع أنّ ما قيل من أنّه اسم للدعاء وليس هو بنفسه دعاء ، وادّعوا عليه إجماع أهل العربيّة (٢) ، ففيه : أنّه كلام صوريّ ، وإجماع أهل العربيّة مرجعه إلى أمر صناعيّ ، كما نبّه عليه المحقّق الرضي في شرحه على الكافية حيث قال ـ على ما حكي (٣) عنه ـ ما لفظه : وليس ما قال بعضهم :إنّ «صه» ـ مثلا ـ اسم للفظ «اسكت» الذي هو دالّ على معنى الفعل ، فهو علم للفظ الفعل لا لمعناه بشيء ؛ إذ العربي القحّ ربما يقول : «صه» مع أنّه لا يخطر بباله لفظ «اسكت» وربما لم يسمعه أصلا ، ولو قلت : إنّه اسم لـ «اسكت» (٤) أو «امتنع» أو «كفّ عن الكلام» أو غير ذلك ممّا يؤدّي هذا المعنى ، لصحّ ، فعلمنا أنّ المقصود منه المعنى لا اللفظ. وقال : والذي
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٠٨ / ٩٣٩ ، وعنه في الوسائل ، الباب ١٩ من أبواب القنوت ، ح ٤ بتفاوت في بعض الألفاظ.
(٢) راجع الهامش (٣ و ٤) من ص ٣٣٥.
(٣) الحاكي هو السيّد الشفتي في مطالع الأنوار ٢ : ٧٠.
(٤) في شرح الكافية : «اصمت» بدل «اسكت».