بالاشتغال بنحت السرير في قطعة من الزمان ، فإذا اشتغل في بعض ذلك الزمان بنحت قائمة بقصد قائمة الباب ، لا يجديه الإتيان ببقيّة الأجزاء بنيّة السرير في حصول الإطاعة (١).
ويرد على هذا الوجه : أنّه إن أريد أنّه بعد الضمّ أيضا لا يصدق عليه أنّه قرأ سورة كذا وإن صدق عليه أنّه تلفّظ بجميع أجزائها بدعوى أنّ قراءة الشيء عرفا أخصّ من مطلق التلفّظ به ، كما يظهر ذلك من جملة من كلماته التي طوينا ذكرها ، ففيه : أنّ مرجعه إلى الوجه الأوّل من أنّ للقصد دخلا في قوام جزئيّتها ؛ لوجودها الحكائي ، وسيأتي الكلام فيه.
وإن أريد أنّه لمّا لم يكن حال حصولها عنوان جزئيّتها بسورة الجحد مقصودا للمتكلّم لا يصحّ وقوعها جزءا لسورة الجحد في مقام امتثال الأمر بقراءة هذه السورة ، كما يظهر ذلك من تمثيله بقائمة السرير ، ففيه : أنّ هذا إنّما يقدح في حصول إطاعة الأمر بقراءة سورة الجحد لو كانت هذه السورة بهذا العنوان واقعة في حيّز الطلب ، كما في فاتحة الكتاب ، وأمّا إذا كان المأمور به قراءة سورة أعمّ من هذا أو ذاك فلا يعتبر في صحّة أجزاء المأمور به في مقام الإطاعة إلّا وقوعها بقصد جزئيّتها لهذا العنوان الأعمّ ، وإتيان الجزء المشترك بقصد أن يجعله جزءا لأحد الفردين لا يعيّن عليه فعله ، ولا يوجب بطلان هذا الجزء عند اختياره الفرد الآخر ، كما لو كان مخيّرا في ذكر الركوع أو السجود بين أن يقول : «سبحان ربّي العظيم وبحمده» أو : «ربّي الأعلى» فاختار أحدهما وبدا له في الأثناء العدول إلى الآخر ، أو كان مأمورا بأن يصنع إمّا الباب أو السرير ، فنحت قائمة بقصد
__________________
(١) كتاب الصلاة ١ : ٤٣٩ ـ ٤٤٠.