فتلاقيا ، فانكسر الشريف عبد الكريم ، وامتنع إلى جبال أبي لهب ، ثم كرّ بمن معه من الأشراف وجماعته على سعيد ، فانهزمت قومه ، ووقع فيهم القتل ، فقتل نحو الستين من جماعته.
ولما وصل الشريف عبد الكريم إلى الطندباوي ، وجد السيد عبد المحسن بن أحمد ومعه الأشراف السابق ذكرهم ، فلم يعرج عليهم ، وسار خلف سعيد بمن معه من الأشراف ، حتى أوصله إلى دار السعادة من السوق الصغير (١).
وكان معه نحوا من أربعين شريفا شاروا (٢) عليه بالخروج من المعلاة ، وترك البلد ، فإنها أخذت. فلم يلتفت إليهم ، وعطف على سويقة ، وجاء بيت سردار الإنقشارية ، فاستغاث بهم ، فأجابوه ، وخرجوا معه ، ودخلوا من المسجد على بيت إيواز بيك وعنده العرب وبقية البلكات ، فطلبوا منهم الخروج معهم ، فامتنعوا ، فصاحوا على إيواز بيك وقالوا له : «إنك موالس (٣)».
ثم خرجوا من باب إبراهيم على السوق (٤) الصغير ، فرموا الشريف عبد الكريم بالرصاص ، فظن أن جميع الأتراك خرجوا ، فترفّع عنهم ،
__________________
(١) السوق الصغير ، سوق للأطعمة مما يلي المسجد الحرام من الغرب بين المسفلة والشبيكة وأجياد كان به ملاحم ومبيع للخضار ، وجميع ما يحتاج الانسان. البلادي ـ معجم معالم الحجاز ٤ / ٢٥٣. وقد أزيل السوق الصغير الآن وأصبح مكانه مواقف للسيارات.
(٢) في (ج) «أشاروا عليه». وهما بنفس المعنى.
(٣) أي مخادع ومداهن لأن الموالسة من ولس وهو الخداع والخيانة. انظر : ابن منظور ـ لسان العرب ٣ / ٩٨١ ، إبراهيم أنيس ـ المعجم الوسيط ٢ / ١٠٥٦.
(٤) في (ج) «سوق الصغير».