فلما تراءى الجمعان ، وقع بينهم الرمي بالبندق من البعد.
وفي هذا اليوم : وصل الأمير إيواز بيك بمماليكه وعسكره وأتباعه ، من جدة ، ونزل في طوى ، وقيّل إلى بعد الظهر ، ثم ركب ، وطلع من ثنية كدي ، وتوجه مع بعض خدم الشريف عبد الكريم ، وفي آخر النهار وصل إلى عرفة ، ونزل قرب الجبل (١) ، وباتوا تلك الليلة جميعا في عرفة. وأصبحوا يوم الاثنين ، أرسل الشريف للصنجق يقول :
«تأنّ لا تعجل في الركوب».
فوافق في الظاهر ، وأما في الباطن فقد تأهب للقتال والبروز في الميدان ، ووقع الرمي من جهته ساعة ، ثم رمح بنفسه ومماليكه.
فبلغ [الشريف](٢) أنّ الصنجق رمح ، فركض بنفسه وجماعته ، وتخلّف سليمان باشا عقب العسكر للنظر في حالهم ، وحثهم على التقدم.
فعند ذلك انكسر قومه كسرة شنيعة (٣) ، ووقع فيهم مقتلة عظيمة. فانهزموا ، وتركوا جميع ما وصلوا به من مال وجمال وغنم وبقر وحمير / ٣٦٥ وغير ذلك ، ومن صنف الذخائر ، فتركوا شيئا كثيرا. /.
فنهب جميع ذلك عسكر الشريف والباشا والصنجق وعبيد السادة الأشراف.
وجاءت (٤) الناس هارعة إلى مكة (٥) فوجا بعد فوج ، والكسب في
__________________
(١) المقصود به جبل الرحمة. وهو جبل عرفات ، وكان يسمى جبل القرين ، وإلا لا وقد يسمى النابت. انظر : البلادي ـ معالم مكة التاريخية ١٨٢.
(٢) ما بين حاصرتين من (ج).
(٣) المقصود قوم الشريف سعيد.
(٤) في (أ) «جائت». والاثبات من (ج).
(٥) في (أ) تكررت كلمة «مكة» مرتين.