فلما رأى الغلب ، وعدم الماء ، صالح على نفسه بخمسة وعشرين كيسا ، أرسلها إلى مبارك بن مضيان.
فأرسل مبارك إلى العرب وجمعهم ، وتعاهدوا هو وإياهم عن الكف عن الحرب ، ويفرق عليهم هذه الدراهم. فوافقوا على ذلك.
ثم أرسل إلى الباشا يعرفه بذلك ويقول له : «حال يصل إليك رسولي إرحل بالحج ، لأن العربان جمعتهم عندي ، وفرقت عليهم الدراهم».
فعند ذلك رحل الباشا بخزنته ، وصحبته أكابر الحج وأتباع الدولة ، وتأخرت عنه بعض الحجاج لورود الماء ، ولأمر أراده الله :
أن عرب عوف قبيلة من حرب (١) استقلوا ما أعطاهم / الشيخ مبارك من الدراهم لكثرتهم ، فحصل بينهم وبينه مواثقة (٢) فنكثوا عليه ، ولحقوا الحجاج الذين تخلفوا ، ولحقوهم وأخذوهم عن آخرهم. وحصل بذلك غاية المصيبة على المسلمين. ـ فإنا لله وإنا إليه راجعون ـ.
فحصل عند الشريف والمسلمين غاية الغمّ من هذا الفعل ، وأرسل [إلى](٣) مبارك بن مضيان يقبح فعله ، ويعرفه أن سيف السلطان طويل (٤).
وأما ما كان من نصوح باشا : فعند وصوله إلى المدينة المنورة طلب
__________________
(١) في (ج) «عرب قبيلة عوف من حرب». والاثبات من (ج).
(٢) في (ج) «مواقعة». والمواثقة : أي عهد واتفاق.
(٣) ما بين حاصرتين زيادة من المحققة يقتضيها السياق.
(٤) كناية عن غضب الدولة العثمانية ، وأنها لن تسكت عن هذا العمل. انظر : أحمد زيني دحلان ـ خلاصة الكلام ١٦٣.