الخطبتين فكأنه دخل وقت الصلاة ، وبالجملة القدر المسلم حصول الاتفاق على عدم جواز الأذان قبل وقت الخطبتين لا وقت الصلاة ، على ان هذا لازم على المانعين أيضا إذ على قولهم وقت الصلاة بعد الزوال بمقدار الخطبتين فإذا جاز الأذان في أول الزوال يلزم جوازه قبل دخول وقت الصلاة. وبما ذكرنا يعلم الجواب عن الثاني ، على ان الخبر غير دال على وجوب ما اشتمل عليه بقرينة ذكر ما لا خلاف في استحبابه واما الأخيران فضعفهما ظاهر لا يحتاج إلى الإطالة. انتهى.
أقول : لا يخفى ما في هذا الجواب من التمحل البعيد والتكليف الغير السديد (أما أولا) فإن ما ادعاه من أن الخطبتين بمنزلة بعض الصلاة فمسلم إلا ان ما ادعاه من أن لهما وقتا على حدة خارجا عن الأوقات المحدودة شرعا ممنوع أتم المنع ، لأن الأوقات ولا سيما وقت الظهر محدودة آية ورواية لقوله تعالى «أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ» (١) المفسر في صحيحة زرارة (٢) بزوالها الشامل ليوم الجمعة وغيره صليت فيه الجمعة أم لا ، ولو كان هنا وقت آخر للخطبة زائد على الأوقات المحدودة لوقعت الإشارة إليه في روايات الأوقات على كثرتها وتعددها سيما مع تكرر صلاة الجمعة في جميع الأعصار والأمصار كالصلوات اليومية ، والاستناد في هذا الوقت الى هذا الخبر معارض بالأخبار (٣) واتفاق الأصحاب على انه لا يجوز الأذان إلا بعد دخول الوقت كما اعترف به ، والمراد بالوقت فيها هو الوقت المحدود آية ورواية وهو زوال الشمس بالنسبة إلى الظهر مثلا ، فإنه هو المتبادر الذي ينساق إليه الإطلاق دون هذا الفرد النادر لو سلمنا وجود دليل عليه. وكون الخطبتين صلاة لا يقتضي أن يجعل لها وقت آخر بل المراد انها يدخل وقتها بالزوال كما يدخل وقت الأربع الركعات لأن الخطبتين فيهما بمنزلة الأخيرتين من الأربع كما أشارت
__________________
(١) سورة بني إسرائيل الآية ٨٠.
(٢) الوسائل الباب ٢ من أعداد الفرائض ونوافلها.
(٣) الوسائل الباب ٨ من الأذان والإقامة.