فقالا ان النبي (صلىاللهعليهوآله) كان إذا صلى العشاء الآخرة انصرف الى منزله ثم يخرج من آخر الليل الى المسجد فيقوم فيصلي ، فخرج في أول ليلة من شهر رمضان ليصلي كما كان يصلى فاصطف الناس خلفه فهرب منهم الى بيته وتركهم ، ففعلوا ذلك ثلاث ليال فقام في اليوم الرابع على منبره فحمد الله واثنى عليه ثم قال : ايها الناس ان الصلاة بالليل في شهر رمضان النافلة في جماعة بدعة وصلاة الضحى بدعة ألا فلا تجمعوا ليلا في شهر رمضان لصلاة الليل ولا تصلوا صلاة الضحى فان ذلك معصية ، ألا وان كل بدعة ضلالة وكل ضلالة سبيلها الى النار. ثم نزل وهو يقول قليل في سنة خير من كثير في بدعة». ألا ترى انه لما أنكر الصلاة في شهر رمضان أنكر الجماعة فيها ولم ينكر نفس الصلاة ولو كان نفس الصلاة منكرا مبتدعا لأنكره كما أنكر الجماعة فيها.
ورد هذا التأويل جملة من أفاضل متأخري المتأخرين بالبعد وهو كذلك. وفيه ايضا ان الرواية التي أوردها موردها انما هو الجماعة في صلاة الليل لا في الصلاة التي هي محل البحث حتى يتم قوله «أنكر الجماعة فيها ولم ينكر الصلاة» فإن الصلاة التي اجتمعوا خلفه فيها انما هي صلاة الليل كما هو ظاهر سياق الخبر ، وحينئذ فلا حجة في ما أورده كما لا يخفى.
والعلامة في المختلف قد أجاب عن صحيحة عبد الله بن سنان بجواز أن يكون السؤال وقع عن النوافل الراتبة هل تزيد في شهر رمضان أو لا؟ فأجاب (عليهالسلام) بعدم الزيادة ، فإنه نقل عن ابن الجنيد انه قال : وقد روى عن أهل البيت (عليهمالسلام) زيادة في صلاة الليل على ما كان يصليها الإنسان في غيره اربع ركعات تتمة اثنتي عشرة ركعة. وهذا التأويل أيضا لا يخلو من بعد وان كان أقل من الأول.
وقال المحدث الكاشاني (طاب ثراه) في الوافي بعد نقل اخبار الطرفين : أقول من حاول أن لا يبعد في التأويل كثيرا ولا يرد أحد الحديثين فالصواب ان يحمل حديث الإثبات على التقية (١) أو حديث النفي على نفى كونها سنة موقوفة
__________________
(١) ارجع الى التعليقة ٢ ص ٥١٤.