يجتمعون فتحضر الصلاة فيقدم بعضهم فيصلي بهم جماعة؟ فقال ان كان الذي يؤم بهم ليس بينه وبين الله طلبة فليفعل».
وهو كما ترى ظاهر الدلالة صريح المقالة في انه لا يجوز الإمامة لمن علم من نفسه الفسق حتى يتوب توبة نصوحا ويقلع عنه إقلاعا صحيحا. ومورد الخبر وان كان الإمامة إلا انه جار في غيرها بالتقريب الذي تقدم ذكره.
(فان قلت) انكم قد فسرتم العدالة في ما سبق بحسن الظاهر المجامع للفسق باطنا وكلامكم هنا يشعر بأن العدالة لا يجوز مجامعتها للفسق باطنا لمنعكم له من الدخول في الأمور المشروطة بالعدالة إذا علم من نفسه الفسق؟
(قلت) لا يخفى ان العدالة بالنسبة إلى المكلف المتصف بها غيرها بالنسبة إلى غيره ممن يتبعه ، فإنها بالنسبة إليه عبارة عن عدم اتصافه بما يوجب الفسق والخروج عن العدالة وهو الذي أشار إليه صحيح ابن ابى يعفور من اتصافه بالستر والعفاف الى آخر تلك الأوصاف كما تقدم إيضاحه ، وبالنسبة إلى غيره عبارة عن عدم ظهور ما يوجب الفسق منضما الى معرفته بتلك الأوصاف المذكورة في الخبر ، وعلى هذا فمن ظهر منه ذلك مع كونه واقعا ليس كذلك يكون عدلا في الظاهر يجوز قبول شهادته والائتمام به وامتثال أوامره وأحكامه وفتاويه وان كان فاسقا في الباطن يحرم عليه الدخول في تلك الأمور ويأثم ويؤاخذ بالدخول فيها وان صح اتباع الناس له فهو له حكم في حد ذاته وللناس معه حكم آخر ، نظير من صلى بالناس على غير طهارة متعمدا مع اعتقاد الناس فيه العدالة فإن صلاتهم تكون صحيحة لحصول شرطها المذكور وصلاته هو تكون باطلة لفوات شرطها بالنسبة اليه ، وصحة صلاتهم خلفه لا توجب له جواز الإمامة بهم بناء على اعتقادهم فيه العدالة فكذا ما نحن فيه. ومنشأ الوهم في كلام الجماعة المتقدم ذكرهم انهم رتبوا العدالة والاتصاف بها على اعتقاد الغير من مطلق مثلا ومؤتم ومستفت ونحوهم وغفلوا عنها بالنسبة الى من يتصف بها ، وقد عرفت من ما حققناه ان لها اعتبارا بالنسبة الى من يتصف بها غيره