نقله عن الشيخ في النهاية ، قائلاً بأنها أخبار آحاد لا يلتفت إليها ولا يعرج عليها ، وهذه أُمور شرعية يحتاج مثبتها ومدّعيها إلى أدلة شرعية ، ولا دلالة من كتاب ، ولا سنّة مقطوع بها ، ولا إجماع ، فأصحابنا لا يوردون هذا في كتبهم ، ولا يودعونه في تصانيفهم ، وإنما أورده شيخنا أبو جعفر الطوسي في كتابه النهاية إيراداً ، لا اعتقاداً ، لأن الكتاب المذكور كتاب خبر ، لا كتاب بحث ونظر ، كثيراً ما يورد فيه أشياء غير معمول عليها ، والأصل براءة الذمة من التكاليف الشرعية (١).
وأول من ردّه الفاضل في المختلف ، فقال بعد نقل هذه الأخبار : وهذه الأخبار ظاهرة مشهورة صحيحة السند عمل بها أكثر العلماء ، فكيف يجعل ذلك شاذاً من غير دليل ، وهل هذا إلاّ جهل منه بمواقع الأدلة ومدارك أحكام الشرع (٢).
وتبعه في ذلك جماعة من المتأخرين (٣) ، معربين عن الأكثر بأنهم الكليني والصدوق والقاضي والشيخ في المبسوط. وهو حسن ، إلاّ أن تعداد الكليني والصدوق منهم مبني على ظهور الأخبار عدا الصحيح الأول عندهما في محل البحث ، وهو محلّ نظر ، ولم يرويا الصحيح الأول الذي هو ظاهر فيه ، وروايتهما للأخبار غير معلوم فهمهما منها ما يتعلق بالبحث ، فلعلّهما فهما منها ما يختص ببحث الصدّ والحصر كما مرّ.
ووافقنا على التأمل في دلالة ما عدا الأول على الحكم في محل
__________________
(١) السرائر ١ : ٦٤٢.
(٢) المختلف : ٣١٩.
(٣) منهم : الشهيد الثاني في المسالك ١ : ١٣٢ ، وصاحب المدارك ٨ : ٣١٠ ، وصاحب الحدائق ١٦ : ٦٢.