البحث بعض فضلاء المتأخرين ، فقال بعد نقل القول بكون الاجتناب عما يجتنبه المحرم على الوجوب ، كما هو ظاهر الشيخ والقاضي ، للأمر به في الخبر المتقدم ، مع التصريح بتحريمه عليه كما يحرم على المحرم في الصحيح الآخر وقريب منه في السند ما لفظه : وربما ينازع فيه ؛ لعدم وضوح العموم في الروايتين بالنسبة إلى التطوع (١). انتهى.
وهو حسن ، إلا أنه يكفي في الوجوب تضمن الصحيح الأول الذي هو نصّ في محل البحث اجتناب عليّ عليهالسلام ما يجتنبه المحرم ، وهو وإن لم يفد بنفسه الوجوب بالنسبة إلينا ، بناءً على عدم وجوب التأسي من أصله ، إلاّ أن بعد انضمام الأصل من توقيفية العبادة ولزوم الاقتصار فيها على ما ورد به الشريعة يقتضي ذلك ، لأن المعهود والمأثور في الصحيحة من فعل عليّ عليهالسلام هذه العبادة إنما هو على الكيفية المزبورة المتضمنة لاجتنابه فيها ما يجتنبه المحرم بالكلية.
لكن مفاد هذا التحقيق الوجوب الشرطي ، بمعنى أن هذه العبادة لا تؤدّى إلاّ بالكيفية المزبورة ، لا الشرعي الذي يترتب عليه الكفارة.
ومن هنا يظهر وجه النظر فيما يحكى عن ظاهر الشيخ والقاضي في لزوم الكفارة لو فعل ما يحرم على المحرم (٢) ، وتبعهما الفاضلان هنا وفي الشرائع والقواعد (٣).
( لكن ) قالا : ( يكفّر لو أتى بما يكفّر له المحرم استحباباً ) ولا بأس بقولهما.
__________________
(١) الذخيرة : ٧٠٤.
(٢) الشيخ في النهاية : ٢٨٣ ، القاضي في المهذب ١ : ٢٧١.
(٣) الشرائع ١ : ٢٨٢ ، القواعد ١ : ٩٣.