الثالث : الجعل ، قال الله : (فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ) [سورة آل عمران آية : ٥٣ ، المائدة : ٨٣] ، أي : اجعلنا ، ويجوز أن يكون فاكتبنا مع الشاهدين في اللوح المحفوظ ؛ لأن كل شيء يفعله الله مكت فيه ، وقال : (فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) [سورة الأعراف آية : ١٥٦] ، أي : سأجعلها ، وقيل أتشاهدون أمة محمد صلى الله عليه ، المؤمنون الذين يشهدون على الناس بأعمالهم ، ويجوز أن يكونوا الأنبياء لأنهم يشهدون على أممهم بما شاهدوا من أعمالهم ، وقيل : (فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) [سورة الأعراف آية : ١٥٦] ، أي : سأجمعها وذلك أن رحمته ونعمته قد عمت الكافر والمؤمن في الدنيا ، وهو في الآخرة مجموعة للمؤمنين.
الرابع : الأمر ، قال الله : (يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ) [سورة المائدة آية : ٢١] ، أي : أمركم بدخولها.
الخامس : الكتب المعروف ، قال الله : (إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ) [سورة البقرة آية : ٢٨٢] ، أي : اكتبوا مبلغ الدين ؛ لأن لا ينسى ، ومبلغ الأجل لأن لا يزاد فيه أو ينقص ، ولا خلاف بين فقهاء الأمصار أن الأمر بالكتابة والإشهاد والرهن هاهنا ندب وإرشاد إلى الأحوط.
وقد نقلت الأمة عقود المداينات والبياعات بغير إشهاد ولا نكير من الفقهاء.
وروي عن ابن جبير ، وعطاء ، وإبراهيم : أن الإشهاد على كتب المداينات والبياعات وقليلها واجب ، وليس ذلك بمعمول عليه.
وعن الحسن ، والشعبي : أن الشهادة والكتب كانا واجبين فنسخا ، بقوله : (فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) [سورة البقرة آية : ٢٨٣].
وقال ابن عباس : لم ينسخ ذلك ، وأما قوله : (كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) [سورة الأنعام آية : ٥٤] ، فمعناه أنه حكم بها وأوجبها على نفسه ، وقال : (أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ) [سورة المجادلة آية : ٢٢] ، أي : علامة الإيمان ، كما قال : (وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ) [سورة البقرة آية : ٩٣] ، أي : حب العجل ، فحذف.