انه لم يرد استعمال مادة الحمد في غيره عزوجل إلا في هذا الموضع وتقدم الجواب عن ذلك فراجع.
ونزيد هنا انه يمكن ان يكون لأجل انهم جعلوا أنفسهم حفاظ الشريعة والقائمين بأمور الدين وورثة الأنبياء فأحبوا لأنفسهم حمد الناس وهذا من مجرد الزعم الباطل وقد ذمهم الله تعالى على ذلك حيث لم يصدر منهم فعل الله تعالى حتى يستحقوا المدح والثناء.
وفي الآية المباركة التنبيه العجيب للعلماء وإنذار لهم بالاحتراز عما يوجب انطباق مضمون هذه الآية عليهم.
قوله تعالى : (فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ).
بيان لسوء عاقبتهم بعد بيان خستهم في الدنيا ، وانما أعاد عزوجل كلمة (فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ) للتأكيد.
والمفازة مصدر ميمي بمعنى الفوز والنجاة والتاء ليست للوحدة وسمي موضع المخاوف مفازة على جهة التفاؤل. واحتمل بعضهم ان يكون المفازة اسم مكان اي محل فوز فيكون (مِنَ الْعَذابِ) صفة له لان اسم المكان لا يعمل فيقدر المتعلق خاصا أو عاما. ولكنه بعيد.
والمعنى : انهم ليسوا بناجين من العذاب بل ليس لهم عذاب محدود. وانما لم يبين عزوجل نوع العذاب لأنه اما ان يكون بما يطابق سجاياهم الفاسدة وملكاتهم الخسيسة او يكون عذابا إليها ناشئا عن سخطه عزوجل لأنه لا ولاية للحق عليهم بعد ما تعلقت نفوسهم بالباطل وفسدت أخلاقهم.