عن نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) : «تفكر ساعة خير من عبادة سبعين سنة» كما ان المستفاد من الادلة الدالة على حسن التفكر والحث عليه ان التفكر الحسن المرغوب اليه لا بد ان لا يكون منهيا عنه شرعا ففي الحديث : «تفكروا في آلاء الله تعالى ولا تتفكروا في الله تعالى» وفي حديث آخر «تفكروا في الخلق ولا تتفكروا في الخالق» فان التفكر في المبدأ تعالى لا بد ان يكون من جهة خلقه وصفاته الفعلية واما التفكر في ذاته المقدسة وصفاته التي هي عين ذاته فلا يفيد إلا تحيرا بل ربما ضلالا وقد ورد في تفسير قوله تعالى : (وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى) النجم ـ ٤١ انه «إذا انتهى الكلام الى الله تعالى فأمسكوا» واما النظر والتفكر في ما هو منهي عنه شرعا فلا يكون منتجا بل ان تسميته بالفكر مجاز لأنه في الحقيقة وهم باطل أو النكراء أو الشيطنة أو من ايحاء الشيطان قال تعالى : (وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ) الانعام ـ ١٢١ فلا بد للمتفكر ان يتأمل في مقدمات فكره بان لا تبتني على الأوهام والخيالات ، والا فيحرم من الفيض الأقدس الالهي ، ويكون من الذين كان للشيطان عليه سبيلا وكل ما كان الفكر بريئا من الخيال والأوهام وخاليا من الوسوسة كان إلى الواقع اقرب والا فانه يؤدي إلى اختلال القوة الفكرية وانطفاء هذا النور الالهي الذي أودعه الله تعالى في الإنسان ، فلا بد من أن يلتمس سببا صحيحا اليه وهذا من شؤون الأنبياء والمرسلين ومن يقوم مقامهم فإنهم يستنيرون بنور الله تعالى كما في الحديث «اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله».
ثم ان الخلق في قوله تعالى : (فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) إما بمعنى المخلوق فتكون الاضافة إما بمعنى (في) اي يتفكرون في ما خلق في السموات والأرض أو تكون الاضافة بيانية اي : يتفكرون في