اليه ، وهذه الحالة هي غاية آمال المجاهدين والمرتاضين في الحق بالحق ، وقد اسموه بالسفر في النفس بالنفس ، ولا منتهى لهذا السير الا ما أشار اليه سيد الأنبياء بقوله (صلىاللهعليهوآله) : «من رآني فقد رأى الحق» وهذا هو المعراج الروحاني الذي هو العلة التامة لاستكمال النفوس المستعدة.
وإن شئت قلت هو إيجاد تمام العوالم في عالم واحد وهو عالم الانسانية الكبرى بالاختيار ، فتصير النيران تحت ارادته والجنان تحت اقدامه فتخاطبه النار بقولها : «جز يا مؤمن فان نورك يطفئ لهبي» وهذه كلها لمحة يسيرة من سير الإنسان الى الكمال غير المتناهي من كل جهة.
كما انها من تجليات أولي الألباب بعد ما لاقوا أشد المصاعب في هذه الدار الفانية فقد هجروا الأهل والديار وتركوا المعاصي لأجل رب الأرباب وقاتلوا النفس الامارة فقتلوها بالسيطرة عليها وتوجيهها الى ما يرضي خالقها ولأجل ذلك كانت عنايات الله جل شأنه بهم عظيمة لا حد لها لأنهم مظاهر أخلاقه وهم الصور المرئية من العقل الكلي في هذا العالم وفي عالم البرزخ وفي عالم الآخرة وقد أعد لهم جنات عظيمة لا نهاية لعظمتها وهذه الجنات هي جنة الأعمال ، وجنة الرضوان وجنة اللقاء وهي منتهى الغايات وأعلى الكمالات.
الثالث : غلبة ذكر الله تعالى على العبد توجب تجلي عظمة الله جل جلاله عليه فيصير طوع ارادته فلا يعمل الا بما يرتضيه ، ولا يرى ولا يسمع الا ما يشاء الله تعالى ويصبح بذلك مرآة لوحي السماء ولا معنى لأولي الألباب الا ذلك ، فترى انهم يسرعون الى الايمان عند ما يسمعون المنادي ينادي اليه لان النداء جلب مشاعرهم بعد ما