الأمور كما يقال : بالله اسألك ان تفعل كذا وكذا. وهذا يقتضي الاتقاء من مخالفة أوامره ونواهيه لما في المسئول به من العظمة والجلال والكبرياء والعزة ما ليس في غيره حتى عند المشركين والكفار ولذا يقسم ويتساءل به.
وانما خص التساؤل به تعالى لعموم جريانه في المجتمع وان المسئول به كامل من جميع الجهات ومن هو كذلك يستحق التقوى عن مخالفة أوامره ونواهيه.
والأرحام جمع رحم وهو مستودع الجنين في المرأة ومحل نمو النطفة قال تعالى : (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ) آل عمران ـ ٦ واطلق على من يمس الإنسان بالقرابة لانتهائه ومآله الى رحم واحد وانها عطف على لفظ الجلالة.
والمعنى : اتقوا مخالفة أوامر الله الذي له من العظمة والجلال والعزة على حد تتساءلون به واتقوا قطيعة الأرحام وظلمها.
والآية المباركة تدل على عظمة صلة الرحم وحقها ورفع شأنها على حد قارن تقوى الأرحام بتقوى نفسه فكما ان لله تعالى حقوقا لا بد من مراعاتها كذلك للرحم حقوق لا بد من مراعاتها قال تعالى : (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) لقمان ـ ١٤ وقال تعالى : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ) محمد ـ ٢٢.
وقيل ان الأرحام معطوف على محل الضمير في قوله تعالى (بِهِ) فهي مجرور فيكون المعنى واتقوا الله الذي تتساءلون به وبالأرحام كما كان شايعا عند الناس بقولهم «بالله أسألك وبالرحم ان تفعل كذا وكذا».
ولكن سياق الآية الشريفة يأبى ذلك لأنها في مقام رفع شأن صلة الأرحام ومقارنتها بشأن نفسه تعالى مع ان ذلك مخالف للقواعد