(وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) الروم ـ ٢١ وغيرها من الآيات الشريفة فان ذكر «انفسكم» فيها لبيان التماثل وإثارة المحبة والرأفة نظير قوله تعالى : (لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ) آل عمران ـ ١٦٤ فيكون المراد من النفس السنخية النوعية لا الانفصال الحقيقي من النفس.
قوله تعالى : (وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً).
البث هو النشر والتفرق بالإثارة والسعة قال تعالى : (وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ) لقمان ـ ١٠ وقال تعالى في وصف الناس في يوم الحشر انهم (كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ) القارعة ـ ٤ وقال تعالى حكاية عن يعقوب : (إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ) يوسف ٨٦ فان الحزن بنفسه مبثوث يظهره الإنسان عند القادر على كشفه ورفعه.
وانما قدم الرجال على النساء لتقدمهم عليهن في الكتاب والسنة قال تعالى : (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ) النساء ـ ٣٤ بل في التكوين أيضا لأنهم الأصل في نشو الإنسان وان كانت النساء لهن الدخل الكبير فيه.
وتوصيف الرجال بالكثرة ليس من باب الخصوصية والاحتراز بل الوصف لهما ولكن حذف الوصف من النساء لدلالة الاول عليه.
والمعنى : اتقوا ربكم الذي نشر النسل الانساني بكثرة من آدم وزوجته.
قوله تعالى : (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ).
أمر آخر بالتقوى وفي تكرارها دلالة على الحث عليها. والمراد بالتساؤل سؤال الناس به بعضهم بعضا ـ والإقسام ـ بالله تعالى في مهمات