خطاب إلى الكثرة والجمع وهذه الكثرة والجمع لا يعقل لها حد ولا نهاية فتكون الخطاب عام لجميع البشر من زمان صدور الخطاب ـ بل من زمان الهبوط ـ إلى زمان الخلود فهي نوع لاحد لأفراده وقد أثبتنا في علم الأصول ان الخطابات المشتملة على النداء لا يعتبر فيها وجود المنادى خارجا بل يكفي فيها الوجود العلمي الاعتباري.
والمراد من النفس المتصف بالوحدة الواردة في الآية الشريفة هو آدم (عليهالسلام) كما هو معلوم من الآيات التي وردت في كيفية خلق أدم (عليهالسلام) وشرح حالاته فما عن بعض المفسرين من التشكيك في ذلك غير صحيح ولا ينبغي ان يعتني به.
ولا شك ان القرآن وغيره من الادلة تثبت ان النسل الاول من الإنسان انحدر من أدم (عليهالسلام) ولكن في تكثر الذرية من بعدهما وفي أولادهما يتصور وجوه :
الاول : ان يكون التناسل والتكاثر من نكاح كل ولد ذكر مع امه.
الثاني : ان يكون ذلك بتزويج كل ذكر مع أخته.
الثالث : ان يكون ذلك بتزويج كل ذكر بروحاني متجسّد. ولا يتصور اكثر من ذلك.
والاول باطل بالضرورة للاستقباح الفطري عند كل ذي شعور حتى الحيوانات. وكذا الثاني لان نكاح الاخت من المحرمات النظامية التي لا يختص بشريعة دون اخرى كقبح السرقة وقبح شرب الخمر وغيرهما مع ما كشفه العلم الحديث من ان نكاح المحارم يستعقب مفاسد كثيرة في النسل فيكون قوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ) النساء ـ ٢٣ قضية حقيقية تكوينية أبرزها الله تعالى على صورة التشريع كقوله تعالى : (لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ