يتوهم ان الموت هو سبب لصيرورة الميت كالجماد روحا وبدنا وانعدام كل منهما فلا حياة بعد ذلك وراء هذه الحياة الدنيا ولا بعث. والتعبير بالحسبان للاعلان ببطلان هذا الزعم وفساده.
والمراد بسبيل الله كل سبيل شرع لإقامة الحق وإزاحة الباطل وقمعه سواء كان من الجهاد الأكبر أو الجهاد الأصغر ، وتعلم المعارف الربوبية والاحكام الشرعية ، وتهذيب النفس بما يرتضيه الله تعالى ، بل ويشمل السعي في قضاء حوائج المؤمنين تقربا إلى الله تعالى ؛ فكل من قتل في سبيل تلك تشمله الآية الشريفة.
كما ان المراد بالموت هنا هو الموت الظاهري وسقوط الإدراك لأجل مفارقة تلك الحياة الحيوانية المعروفة.
والحياة الثانية هي الحياة الواقعية المعنوية ، فالشهيد بالحق وفي الحق تصعد روحه الى الجنة وتعيش في المقامات المعدة لها ، فتكون أرواح الشهداء من مظاهر تجليات الحق بالحق ومن شوارق اشعة الذات غير المحدودة بحد أبدا.
فالآية الشريفة تبين حقيقة من الحقائق الواقعية وهي الحياة بعد الموت وان الإنسان بروحه لا بجسده فحسب فهي التي تشقى أو تسعد والمنافقون وغيرهم غفلوا عن هذه الحقيقة واقتصروا على ما هو المحسوس وكان قصدهم من ذلك تثبيط المؤمنين عن الجهاد في سبيل الله تعالى وتقنيطهم عن مأمولهم وما كانوا يرجونه في جهادهم وقتلهم في سبيل الله تعالى لكن الوجدان الانساني يعلن بطلان أقوالهم ويحكم عليهم بالخزي والعار وان نصيبهم من ذلك الحرمان والشقاء.
فالآية المباركة ترشد إلى أمر وجداني يذعن الإنسان به بعد أدنى تفكر وروية ، ولعل ذلك كله هو الوجه في تأكيد هذه الحقيقة في القرآن