من الاُصول .
وما أجاب به العلّامة عن الخبر المذكور ـ من القول بالموجب ومنع دلالته علىٰ صورة النزاع ، فإنّ الدبر عندنا يسمىٰ فرجاً لغةً وعرفا ، فأمّا لغة : فلأنّه مأخوذ من الانفراج ، وأمّا عرفاً : فكذلك ، لقوله تعالىٰ ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ) (١) وأشار بذلك إلىٰ ذَكَر الرجل وسمّاه فرجاً ، للمعنىٰ الذي هو الانفراج (٢) ـ ففيه نظر :
لأنّ دعوىٰ كون اللغة والعرف تدلان علىٰ أنّ الدبر يقال له فرج ، خلاف ما ذكره بعض أهل اللغة : أنّ الفرج عرفاً يقال للقبل من الرجل والمرأة ، كما نقلناه سابقاً عن ابن الأثير في إحكام الأحكام (٣) ، واستدلال العلّامة علىٰ العرف بقوله تعالىٰ ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ ) لا يخلو من تأمّل ، لأنّه إن أراد أنّ الآية تدل علىٰ إطلاق الفرج علىٰ الذكر فنحن نقول به ، وإن أراد الإطلاق علىٰ الدبر فهو أعلم بالمراد .
فإن قلت : لعل المراد أنّ الآية تنفي الاختصاص بقبل المرأة ، وإذا نفي الاختصاص شمل الدبر ، كما نبه عليه قوله : وأشار بذلك إلىٰ ذكر الرجل . . .
قلت : أيّ ملازمة بين نفي الاختصاص وشمول الدبر ؟ مع ما سمعته من الخلاف ، علىٰ أنّ للقائل بالاختصاص بقبل المرأة أن يقول : إنّ الآية يحتمل فيها المجاز ، والقرينة معه ، وإن كان فيه نظر .
نعم يتوجه علىٰ العلّامة أنّ فهم الانفراج من إرادة الذَكَر في الآية لو تم فهو انفراج القبل من المرأة بلا ريب ، ومن الرجل للآية ، علىٰ أنّا قدّمنا
__________________
(١) المؤمنون : ٥ ، المعارج : ٢٩ .
(٢) المختلف ١ : ١٦٥ بتفاوت يسير .
(٣) راجع ص : ١٦٩ .