وأمّا ثانياً : فلأنّ الأخبار المعتبرة قد دلت علىٰ أنّ المرأة إذا رأت في أيّامها التي كانت ترىٰ الدم فيها فهو حيض ، ومفهوم رواية الحسين أنّ الدم لو تأخّر أقل من عشرين فهو حيض ، فالمنافاة حاصلة لولا دلالة آخرها بنوع من التقريب ، وإن كان في الظنّ أنّه غير واف إلّا أنّه يدفع قول الشيخ باعتبار العشرين ، وعدم الالتفات إلىٰ تحقيق دفع التعارض بين مفاهيم الأخبار غير لائق .
ومن هنا يعلم أيضاً أنّ ما قاله شيخنا قدسسره في المدارك : من أنّ الشيخ قال في النهاية وكتابي الأخبار : ما تجده المرأة الحامل في أيّام عادتها يحكم بكونه حيضاً ، وما تراه بعد عادتها بعشرين يوماً فليس بحيض (١) . لا وجه له ، فإنّ الشيخ في هذا الكتاب قائل بعدم حيض الحامل إذا استبان .
وما قاله شيخنا قدسسره نقلاً عن الشيخ في الخلاف : من أنّ الدم حيض قبل أن يستبين لا بعده ونقل فيه الإجماع (٢) . ثم قال : احتجّ الشيخ علىٰ القول الثاني بصحيحة الحسين بن نعيم ، إلىٰ أن قال : وهي مع صحتها صريحة في المدّعىٰ ، فيتعين العمل بها (٣) . لا وجه له أيضاً ، فإنّ الرواية في غاية الغموض بعد ما ذكرناه .
علىٰ أنّ القول الثاني هو الذي نسبه إلىٰ كتابي الأخبار ، وقد علمت قول الشيخ هنا ، والحال أنّ شيخنا قدسسره قال بعد ذلك : وأمّا قول الثالث فلم أقف له علىٰ مستند (٤) . وظاهر الحال من القول الثالث الاستبانة وعدمها ، والشيخ هنا مستدل بالرواية . ولو اُريد بالقول الثاني هو قول الشيخ الثاني ـ أعني الاستبانة وعدمها ـ زاد المحذور .
__________________
(١ ـ ٤) المدارك ٢ : ١٠ ، وهو في النهاية : ٢٥ ، والتهذيب ١ : ٣٨٨ والخلاف ١ : ٢٣٩ .