لله ، وأعظمهم عناء ، وأحوطهم على رسوله ، وأفضلهم مناقب ، وأكثرهم سوابق ، و أرفعهم درجة ، وأشرفهم منزلة ، وأكرمهم عليه. قويت حين ضعف أصحابه ، وبرزت حين استكانوا ، ونهضت حين وهنوا ، ولزمت منهاج رسول الله صلىاللهعليهوآله ، كنت خليفته حقا لم تنازع برغم المنافقين ، وغيظ الكافرين ، وكره الحاسدين ، وضغن الفاسقين ، فقمت بالامر حين فشلوا ، ونطقت حين تتعتعوا (١) ، ومضيت بنور الله إذ وقفوا ، فمن اتبعك فقد هدي ، كنت أقلهم كلاما ، وأصوبهم منطلقا ، وأكثرهم رأيا ، وأشجعهم قلبا ، وأشدهم يقينا ، وأحسنهم عملا ، وأعناهم بالأمور (٢).
كنت للدين يعسوبا أولا (٣) حين تفرق الناس ، وأخيرا حين فشلوا ، كنت للمؤمنين أبا رحيما إذ صاروا عليك عيالا ، فحملت أثقال ما عنه ضعفوا ، وحفظت ما أضاعوا ، ورعيت ما أهملوا ، وشمرت إذا [ا] جتمعوا ، وشهدت إذ جمعوا ، وعلوت إذ هلعوا (٤) ، وصبرت إذ جزعوا ، كنت على الكافرين عذابا صبا ، وللمؤمنين غيثا و خصبا لم تفلل حجتك ، ولم يزغ قلبك ، ولم تضعف بصيرتك ، ولم تجبن نفسك ، و لم تهن ، كنت كالجبل لا تحركه العواصف ، ولا تزيله القواصف (٥) ، وكنت كما قال رسول الله صلىاللهعليهوآله ضعيفا في بدنك ، قويا في أمر الله ، متواضعا في نفسك ، عظيما عند الله عزوجل ، كبيرا في الأرض ، جليلا عند المؤمنين ، لم يكن لاحد فيك مهمز ، ولا لقائل فيك مغمز (٦) ولا لاحد فيك مطمع ، ولا لاحد عندك هوادة (٧) الضعيف الذليل
__________________
البيت الذي فيه أمير المؤمنين عليهالسلام : « رحمك الله يا أبا الحسن كنت أول القوم اسلاما ـ وساق نحوا مما يكون في المتن باختلاف ، وقيل الرجل هو الخضر عليهالسلام والله يعلم.
(١) التعتعة في الكلام : التردد من حصر أوعى.
(٢) في الكافي « وأعرفهم بالأمور ».
(٣) اليعسوب : السيد والرئيس والمقدم وأمير النحل. (النهاية)
(٤) الهلع : أفحش الجزع والحرص والفزع.
(٥) العاصف : الشديد ، والقاصف شديد الصوت.
(٦) الهمز : العيب والنقص ، والغمز : الطعن والاتهام.
(٧) الهوادة : الميل واللين والرفق ، وما يرجى به الصلاح بين القوم.