وأما حق أبيك فأن تعلم أنه أصلك فإنك لولاه لم تكن (١) فمهما رأيت من نفسك ما يعجبك فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه ، فاحمد الله واشكره على قدر ذلك ، ولا قوة إلا بالله.
وأما حق ولدك فأن تعلم أنه منك ، ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره ، وأنك مسؤول عما وليته من حسن الأدب والدلالة على ربه عزوجل والمعونة على طاعته ، فاعمل في أمره عمل من يعلم أنه مثاب على الاحسان إليه ، معاقب على الإساءة إليه.
وأما حق أخيك فأن تعلم أنه يدك وعزك وقوتك فلا تتخذه سلاحا على معصية الله (٢) ولا عدة للظلم لخلق الله ، ولا تدع نصرته على عدوه (٣) والنصيحة له ، فان أطاع الله تعالى وإلا فليكن الله أكرم عليك منه ، ولا قوة إلا بالله.
وأما حق مولاك المنعم عليك فأن تعلم أنه أنفق فيك ماله ، وأخرجك من ذل الرق ووحشته إلى عز الحرية وانسها ، فأطلقك من أسر الملكة ، وفك عنك قيد العبودية ، وأخرجك من السجن ، وملكك نفسك ، وفرغك لعبادة ربك ، وتعلم أنه أولى الخلق بك في حياتك وموتك ، وأن نصرته عليك واجبة بنفسك وما احتاج إليه منك ، ولا قوة إلا بالله.
وأما حق مولاك الذي أنعمت عليه فأن تعلم أن الله عزوجل جعل عتقك له وسيلة إليه ، وحجابا لك من النار ، وأن ثوابك في العاجل ميراثه إذا لم يكن له رحم مكافأة لما أنفقت من مالك ، وفي الآجل الجنة.
وأما حق ذي المعروف عليك فأن تشكره وتذكر معروفه ، وتكسبه (٤) المقالة
__________________
(١) في الخصال « فإنه لولاه لم تكن ».
(٢) أي لا تجعلهم عونا لك على المعصية بالجور والغلبة على أعدائك ، أو بالاجتماع معهم بالغيبة وأمثالها ويؤيده قوله « ولا عدة » أي مهيأة وان احتمل التأكيد. (م ت)
(٤) أي تذكر معروفه عند الناس حتى يذكر بالمعروف فكأنك جعلت كسبه ، والكسب بمعنى الجمع أيضا.