وحق الناصح أن تلين له جناحك ، وتصغي إليه بسمعك ، فإن أتى بالصواب حمدت الله عزوجل ، وإن لم يوافق رحمته ولم تتهمه ، وعلمت أنه أخطأ ولم تؤاخذه بذلك إلا أن يكون مستحقا للتهمة ، فلا تعبأ بشئ من أمره على حال ، ولا قوة إلا بالله.
وحق الكبير توقيره لسنه وإجلاله لتقدمه في الاسلام قبلك ، وترك مقابلته عند الخصام ، ولا تسبقه إلى طريق ، ولا تتقدمه ولا تستجهله ، وإن جهل عليك احتملته وأكرمته لحق الاسلام حرمته.
وحق الصغير رحمته في تعليمه ، والعفو عنه والستر عليه ، والرفق به والمعونة له (١).
وحق السائل إعطاؤه على قدر حاجته.
وحق المسؤول إن أعطى فاقبل منه بالشكر والمعرفة بفصله ، وإن منع فاقبل عذره.
وحق من سرك لله تعالى أن تحمد الله تعالى أولا ثم تشكره.
وحق من أساءك أن تعفو عنه ، وإن علمت أن العفو يضر انتصرت ، قال الله تبارك وتعالى : « ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل ».
وحق أهل ملتك إضمار السلامة والرحمة لهم ، والرفق بمسيئهم وتألفهم واستصلاحهم ، وشكر محسنهم وكف الأذى عنهم ، وتحب لهم ما تحب لنفسك ، وتكره لهم ما تكره لنفسك ، وأن يكون شيوخهم بمنزلة أبيك ، وشبانهم ، بمنزلة إخوتك وعجائزهم بمنزلة أمك ، والصغار بمنزلة أولادك.
وحق الذمة (٢) أن تقبل منهم ما قبل الله عزوجل منهم ، ولا تظلمهم ما وفوا
__________________
(١) في تحف العقول هكذا « وأما حق الصغير فرحمته وتثقيفه وتعليمه والعفو عنه والستر عليه والرفق به ، والستر على جرائر حداثته فإنه سبب للتوبة ، والمداراة له ، وترك مما حكته ، فان ذلك أدنى لرشده ».
(٢) أي حق أهل الذمة.