حدثني الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة (١) قال : جلست إلى ابن عباس فعرض على ذكر فرائض المواريث فقال ابن عباس : سبحان الله العظيم أترون أن الذي أحصى رمل عالج عددا جعل في مال نصفا ونصفا وثلثا (٢) فهذان النصفان قد ذهبا بالمال فأين موضع الثلث؟ فقال له زفر بن أوس البصري : يا ابن عباس فمن أول من أعال الفرائض قال : « رمع » لما التفت عنده الفرائض ودافع بعضها بعضا قال : والله ما أدرى أيكم قدم الله وأيكم أخر الله وما أجد شيئا هو أوسع من أن أقسم عليكم هذا المال بالحصص فأدخل على كل ذي حق ما دخل عليه من عول الفريضة ، وأيم الله أن لو قدم من قدم الله وأخر من أخر الله ما عالت فريضة ، فقال له زفر بن أوس : وأيهما قدم وأيهما أخر؟ فقال : كل فريضة لم يهبطها الله عزوجل عن فريضة إلا إلى فريضة (٣) فهذا ما قدم الله ، وأما ما أخر الله فكل فريضة إذا زالت عن فرضها لم يكن لها إلا ما بقي فتلك التي اخر الله ، فاما التي قدم الله فالزوج له النصف فإذا دخل عليه ما يزيله عنه رجع إلى الربع لا يزيله عنه شئ ، والزوجة لها الربع فإن زالت عنه صارت إلى الثمن لا يزيلها عنه شئ ، والام لها الثلث فإن زالت عنه صارت إلى السدس لا يزيلها عنه شئ ، فهذه الفرائض التي قدم الله عزوجل ، وأما التي أخر الله ففريضة البنات والأخوات لها النصف إن كانت واحدة ، وإن كانت اثنتين أو أكثر فالثلثان فإذا
__________________
(١) محمد بن إسحاق أبو بكر المطلبي مولاهم نزيل العراق وثقه ابن معين وقال : كان حسن الحديث وهو صاحب المغازي. ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري حاله مشهور والعامة رفعوه فوق مقامه راجع تهذيب التهذيب ج ٩ ص ٤٤٥ إلى ٤٥١ ، وأما عبيد الله بن عبد الله ابن عتبة الهذلي فوثقه أبو زرعة وابن حبان والواقدي وغيرهم ، وإنما بينا رجال السند لعدم كونهم في كتب رجال الخاصة وليكون القارئ على بصيرة في مسألة بطلان العول.
(٢) قال العلامة المجلسي : مثال ذلك أنه ان ماتت امرأة وتركت زوجا وأخوتها لامها وأختها لأبيها فان للزوج النصف ثلاثة أسهم وللاخوة من الام الثلث سهمين وللأخت من الأب أيضا عندهم النصف ثلاثة أسهم يصير من ستة تعول إلى الثمانية ، ويحتجون بذلك بقوله تعالى « وله أخت فلها نصف ما ترك » وعندنا للأخت من الأب السدس.
(٣) هذا لا يجرى في كلالة الام كما لا يخفى. ( المرآة )