الآخرة ، ومن خير حظ المرء قرين صالح ، جالس أهل الخير تكن منهم ، باين أهل الشر ومن يصدك عن الله عزوجل وذكر الموت بالأباطيل المزخرفة والأراجيف الملفقة تبن منهم ، ولا يغلبن عليك سوء الظن بالله عزوجل ، فإنه لن يدع بينك وبين خليلك صلحا (١) ، اذك بالأدب قلبك كما تذكى النار بالحطب (٢) فنعم العون الأدب للنحيزة (٣) والتجارب لذي اللب ، اضمم آراء الرجال بعضها إلى بعض ثم اختر أقربها إلى الصواب وأبعدها من الارتياب (٤) ، يا بنى لا شرف أعلى من الاسلام ، ولا كرم أعز من التقوى ، ولا معقل أحرز من الورع ، (٥) ولا شفيع أنجح من التوبة ، ولا لباس أجمل من العافية ، ولا وقاية أمنع من السلامة ، ولا كنز أغنى من القنوع ، ولا مال أذهب للفاقة من الرضا بالقوت ، ومن اقتصر على بلغة الكفاف فقد انتظم الراحة وتبوأ خفض الدعة (٦) ، الحرص داع إلى التقحم في
__________________
(١) أي إذا رأيت من إخوانك مخالفة لله تعالى لا يغلبن عليك أنه لا يغفره الله سبحانه مع أنك في أعمالك تحسن الظن به وتعتقد أن الله تعالى سيغفر لك ، فإذا أسأت الظن بالله بالنظر إليه فلا يبقى بينك وبين خليلك صلحا.
(٢) أي نور بالأدب مع الله سبحانه قلبك بالمداومة على الذكر ومراعاة الحياء منه فان القلب يموت بترك الذكر وينطفي نوره حتى يران ويطبع عليه ، وروى عن سيد المرسلين صلىاللهعليهوآله أنه قال : « وانه ليغان على قلبي وانى لأستغفر الله في كل يوم سبعين مرة »
(٣) في اللغة : النحيزة : الطبيعة ، يقال : هو كريم النحيزة أي كريم النفس. وفي بعض النسخ « للخيرة » أي الأخيار.
(٤) كما في قوله تعالى « فبشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ».
(٥) المعقل : الحصن فان من تجنب عن الشبهات نجا من المهلكات.
(٦) البلغة ـ بضم الباء الموحدة ـ : ما يكتفي به من المعاش واضافتها إلى الكفاف بيانية ، « فقد انتظم » أي سلسلة الراحة فاستراح من جميع الآلام والغموم ، « وتبوأ خفض الدعة » أي سكن مسكن سعة العيش والراحة ( م ت ) أقول : الدعة خفض العيش : فإضافة الخفض إلى الدعة للتأكيد.