«هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ (١)» (٢).
فظهر ممّا (٣) ذكرنا أنّ الاستشهاد بالخبر المزبور لصحّة القراءات السبع وتواترها عن النبي صلىاللهعليهوآله في غير محلّه ، وكفاك شاهدا لذلك ما قيل من أنّه نقل اختلافهم في معناه ما يقرب من أربعين قولا (٤).
والحاصل : أنّ دعوى تواتر جميع القراءات السبعة أو العشرة بجميع خصوصيّاتها عن النبي صلىاللهعليهوآله تتضمّن مفاسد ومناقضات لا يمكن توجيهها ، وقد تصدّى جملة من القدماء والمتأخّرين لإيضاح ما فيها من المفاسد بما لا يهمّنا الإطالة في إيرادها ، ولأجل ما ذكر ارتكب بعض التأويل في هذه الدعوى بحملها على إرادة تواترها عن القرّاء السبع (٥) ، وآخر على إرادة انحصار المتواتر فيها ، لا كون كلّ منها متواترا (٦) ، وثالث على تواتر جواز القراءة بها بل وجوبها عن الأئمّة عليهمالسلام (٧).
وكيف كان فما عن الشهيد الثاني رحمهالله في شرح الألفيّة ـ مشيرا إلى القراءات السبع : فإنّ الكلّ من عند الله نزل به الروح الأمين على قلب سيّد المرسلين تخفيفا على الأمّة وتهوينا على أهل هذه الملّة (٨) ، انتهى ـ محلّ نظر ؛ إذ كيف يعقل ذلك بعد فرض كون القرآن واحدا بالشخص ، ومباينة
__________________
(١) سورة «ص» ٣٨ : ٣٩.
(٢) الخصال : ٣٥٨ / ٤٣ ، وعنه في بحار الأنوار ٩٢ : ٤٩ / ١٠.
(٣) في «ض ١٣ ، ١٧» : «بما» بدل «ممّا».
(٤) قاله البحراني في الحدائق الناضرة ٨ : ٩٩.
(٥) البرهان في علوم القرآن ـ للزركشي ـ ١ : ٣١٩.
(٦) المقاصد العليّة : ٢٤٥.
(٧) الحاشية على مدارك الأحكام ٣ : ٢٠ ـ ٢١.
(٨) المقاصد العليّة : ٢٤٥ ، وحكاه عنه البحراني في الحدائق الناضرة ٨ : ٩٦.