وثانيا : بأنّه يكفي في عدم تنجّز التكليف بالمقدّمة علمه بحصول ذيها ولو بفعل الغير من غير توقّفه على هذه المقدّمة.
نعم ، تعلّقه بفعل الغير قد يكون مانعا عن الجزم ببقاء القدرة على إتمام الصلاة مأموما ، كما أنّ احتمال طروء بعض موانع الائتمام في الأثناء أيضا ـ كالحيلولة أو الفصل الكثير ـ كذلك ، فعند تركه للتعلّم قد لا يحصل له الاطمئنان بعدم احتياجه إلى القراءة ، فلا يتأتّى منه قصد القربة على سبيل الجزم ، فعلى القول باعتبار الجزم في النيّة ـ كما هو المشهور ـ اتّجه حينئذ بطلان صلاته ، لا صحّتها وكونه آثما بترك التعلّم ، كما ذكره في الجواهر (١).
نعم ، لو لم نعتبر الجزم في النيّة وقلنا بصحّة صلاته وإن احتمل حال التلبّس بها عدم سلامتها عن الطوارئ ، أمكن توجيه الإثم في مثل الفرض من باب التجرّي ؛ لاستلزام تلبّسه بالصلاة مع جهله بالقراءة واحتمال عروض موانع الاقتداء العزم على قطع صلاته على خلاف ما يقتضيه تكليفه.
وكيف كان فمقتضى الأصل : عدم وجوب التعلّم عينا ، إلّا إذا امتنع الخروج عن عهدة التكليف بالصلاة بدونه ، وإلّا فالواجب هو القدر المشترك بينه وبين غيره ممّا يتمكّن معه من الخروج عن عهدة الواجب ، لا خصوص شيء منها بعينه. وإطلاق حكم الأصحاب بوجوبه إنّما هو بالنظر إلى ما هو تكليفه من حيث هو ، فهو مصروف عن فرض القدرة على الائتمام ، أي غير ملحوظ من هذه الجهة ، كما أنّ إطلاق حكمهم بوجوب الإتيان بما تيسّر أو بغيره ممّا ستسمعه لدى العجز عن التعلّم إنّما هو بهذه
__________________
(١) جواهر الكلام ٩ : ٣٠٠.