لدى الجهل بها ، وهو غير مخصوص بصورة الجهل بالسورة ، كما أنّ ما دلّ على وجوب السورة غير مخصوص بما إذا لم يكن آتيا بشيء من القرآن عوض الفاتحة ، كيف! ولو كان قراءة السورة من حيث هي مجزئة ، للزم أن لا يجب التعويض عن الفاتحة بالقرآن أصلا ؛ فإنّ ما يعلمه من السورة أو بعضها إنّما يمتثل به الأمر بالسورة التي هي أيضا كالفاتحة ممّا لا يسقط ميسوره بمعسوره.
واعترضه في الجواهر أيضا بعدم حصول الامتثال إلّا إذا أريد الطبيعة ، وهو مناف لكثير ممّا تقدّم (١).
أقول : ولا يخفى عليك أنّ غاية ما يمكن استفادته من الأدلّة المتقدّمة لوجوب التعويض أنّه يجب لمن لم يحسن الفاتحة أن يقرأ غيرها من القرآن بقدرها ، وأمّا كونه بعنوان البدليّة عن الفاتحة كي ينافيه الاجتزاء بقراءة سورة لا بهذا العنوان فلا.
نعم ، ربما يظهر ذلك من كلمات الأصحاب في فتاويهم ومعاقد إجماعاتهم المحكيّة ، وإن لا يخلو ذلك أيضا عن تأمّل ؛ إذ غاية ما يظهر من كلماتهم أنّه يجب على من لم يحسن الفاتحة أن يعوّضها بغيرها من القرآن ، وأمّا كون عنوان العوضيّة قيدا في متعلّق التكليف كي يكون مانعا عن حصول الامتثال بإيجاد الطبيعة معرّاة عن قصد العوضيّة فلا.
فالأولى أن يقال في ردّ الاستدلال المزبور بأنّه يفهم من الأدلّة المتقدّمة ـ كخبر (٢) العلل وغيره ـ أنّ ماهيّة القراءة التي تتحقّق في ضمن الفاتحة لا يسقط الأمر بها بتعذّر الخصوصيّة ، وقضيّة ذلك كون تعذّر
__________________
(١) جواهر الكلام ٩ : ٣٠٨.
(٢) تقدّم الخبر في ص ١٣٧.