أقول : في شهادة هذه الرواية للتوجيه المزبور تأمّل ؛ إذ ليس المقصود بفاتحة الكتاب ، التي أمر بقراءتها في كلّ ركعة خصوصها المقابل للأعمّ منها ومن السورة ، وأنّه عند الاقتصار عليها في الأخيرتين لا يتحقّق قلب الصلاة ، بل المقصود بالرواية المنع عن قلب صلاته بالذكر في الأوّلتين وترك القراءة فيهما والإتيان بها في الأخيرتين كما كان معروفا عن العامّة في مثل الفرض على ما نقل عنهم ، وشهد به جملة من الروايات ، فالمقصود بقوله : «يقرأ بفاتحة الكتاب في كلّ ركعة» النهي عن تركها في الأوليين ، أي الأمر بإعطاء كلّ من الركعات ما هو وظيفتها ، لا الأمر بقراءتها مجرّدة عن السورة في خصوص الأخيرتين ، كما لا يخفى على المتأمّل.
وأمّا أصل التوجيه فيتوجّه عليه ـ بعد تسليمه ، وأنّ المراد بقوله عليهالسلام :«إنّي أكره أن أجعل آخر صلاتي أوّلها» (١) كراهة أن يأتي بمجموع ما هو وظيفة الأوليين من الحمد والسورة ، لا مطلق القراءة كي يفهم منه أفضليّة التسبيح في الفرض ـ أنّ هذا لا ينفي دلالتها على أنّ نسيان القراءة في الأوليين لا يؤثّر في انقلاب تكليفه بالنسبة إلى الأخيرتين عمّا كان عليه لو لا النسيان ؛ إذ لو كان ذلك موجبا لتعيّن القراءة عليه ، لكان على الإمام عليهالسلام حين سأله عن حكمه بيانه ، فيفهم من جواب الإمام عليهالسلام ولو من باب السكوت في مقام البيان أنّ نسيان القراءة في الأوليين ليس موجبا لتعيّن شيء عليه في الأخيرتين ، وليس رفع اليد عن هذه الدلالة المعتضدة بالشهرة وإطلاقات أوامر التخيير بأهون من حمل خبر الحسين بن حمّاد (٢)
__________________
ـ أبواب صلاة الجماعة ، ح ٧.
(١) تقدّم تخريجه في ص ١٦٢ ، الهامش (١).
(٢) تقدّم خبره في ص ١٥٨.