هذا ، مع معارضتها بعموم الروايات الدالّة على التخيير.
وخصوص صحيحة معاوية بن عمّار ـ المرويّة عن التهذيب ـ عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : قلت : الرجل يسهو عن القراءة في الركعتين الأوليين فيذكر في الركعتين الأخيرتين أنّه لم يقرأ ، قال : «أتمّ الركوع والسجود؟» قلت : نعم ، قال : «إنّي أكره أن أجعل آخر صلاتي أوّلها» (١).
أقول : لو أغمض عن شذوذها ومخالفة ظاهرها لظاهر كلمات الأصحاب أو صريحها في فتاويهم ومعاقد إجماعاتهم المحكيّة ، لأمكن الجواب عن معارضتها بعمومات التخيير : بعدم صلاحيّتها لمعارضة النصّ الخاصّ ؛ فإنّ تخصيصها بما عدا هذا الفرد النادر التحقّق من أهون التصرّفات.
وأمّا صحيحة معاوية بن عمّار : فقد أجيب عنها : بأنّ ظاهرها نسيان مجموع القراءة المعتبرة في الأوليين ، وهي الحمد والسورة ، فالمراد بقوله :«إنّي أكره أن أجعل آخر صلاتي أوّلها» كراهة أن يأتي بتلك القراءة ، أي مجموع الحمد والسورة ، ونسبة الكراهة إلى نفسه المشعرة بجواز مخالفته جارية مجرى التقيّة.
كما يقرّب هذا التوجيه والحمل ما رواه الشيخ بإسناده إلى أحمد بن النضر عن رجل عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : قال لي : «أيّ شيء يقول هؤلاء في الرجل إذا فاتته مع الإمام ركعتان؟» قال : يقولون : يقرأ في الركعتين بالحمد والسورة ، فقال : «هذا يقلب صلاته فيجعل أوّلها آخرها» فقلت :فكيف يصنع؟ قال : «يقرأ بفاتحة الكتاب في كلّ ركعة» (٢).
__________________
(١) التهذيب ٢ : ١٤٦ / ٥٧١ ، الاستبصار ١ : ٣٥٤ / ١٣٣٧ ، الوسائل ، الباب ٣٠ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ١.
(٢) التهذيب ٣ : ٤٦ / ١٦٠ ، الاستبصار ١ : ٤٣٧ / ١٦٨٦ ، الوسائل ، الباب ٤٧ من ـ