محلّها الذي أوجبها الشارع فيه عينا دون سائر المواضع التي لم يشرّعها فيها أصلا أو شرّعها ولكن لا على سبيل التعيين ، فكما لا يفهم من هذا الخبر أنّه لو نسيها في الأوليين يجب عليه الإتيان بها عند تذكّره في أثناء التشهّد ، كذلك لا يفهم منه أنّه يجب الإتيان بها عينا لو ذكرها في الأخيرتين ، بل مقتضاه بطلان صلاته عند تركها في ذلك المحلّ الذي وجب عليه الإتيان بها فيه ، ولكن دلّت الأدلّة المتقدّمة في محلّها على اختصاص اعتبارها في الصلاة بحال العمد.
وكيف كان فعمدة ما يصحّ الاستناد إليه لهذا القول هي رواية الحسين ، المتقدّمة (١).
ونوقش فيها أيضا بضعفها من حيث السند ، وإعراض الأصحاب عن ظاهرها ؛ إذ لم ينقل القول به صريحا عن أحد عدا ما سمعت (٢) حكايته عن الشيخ في الخلاف ، وهو أيضا غير ثابت ، بل ربما نسب إليه أنّه جعله أحوط (٣) ، وعلى تقدير ثبوته لا يخرجها عن الشذوذ ، خصوصا مع عدم التفاته إليها في المبسوط ، وتصريحه بعدم بطلان تخييره ؛ حيث قال ـ على ما حكي (٤) عنه ـ : إنّه إن نسي القراءة في الأوليين ، لم يبطل تخييره ، وإنّما الأولى له القراءة لئلّا تخلو الصلاة عن القراءة (٥). انتهى.
__________________
٢٧٣ / ٨٣٧ ، سنن أبي داود ١ : ٢١٧ / ٨٢٢ ، سنن الترمذي ٢ : ٢٥ / ٢٤٧ ، سنن النسائي ٢ : ١٣٧ و ١٣٨.
(١) في ص ١٥٨.
(٢) في ص ١٥٨.
(٣) نسبه إليه الشهيد في الذكرى ٣ : ٣١٦ ـ ٣١٧ ، وراجع : الخلاف ١ : ٣٤١ ـ ٣٤٣ ، المسألة ٩٣.
(٤) الحاكي عنه هو العلّامة الحلّي في مختلف الشيعة ٢ : ١٦٧ ، ضمن المسألة ٩٠.
(٥) المبسوط ١ : ١٠٦.