وربما يستشعر من كلامه عدم حرمة الاستماع كالسماع.
ويحتمل رجوعه إلى ما حكي عن غير واحد من الفرق بين القراءة والاستماع في المبطليّة دون الحرمة ، فحكموا بحرمة القراءة وإبطالها للصلاة ، وحرمة الاستماع ولكنّه لا يسجد لها (١) ، بل يمضي في صلاته ، فكأنّ محطّ نظرهم في الفرق المزبور ما يظهر من بعضهم (٢) من التسالم على أنّ الكلام المحرّم مبطل للصلاة قرآنا كان أم غيره ، فمتى قرأ العزيمة بطلت صلاته ، وتنجّز التكليف بسجدتها فورا من غير أن يعارضه تكليف آخر ، وهذا بخلاف ما لو استمعها ؛ فإنّه وإن ارتكب الحرام ولكن لم تبطل صلاته ؛ إذ ليس كلّ محرّم مبطلا ما لم يكن كلاما ، فيدور أمره بعد الاستماع بين محذورين : إمّا إبطال الصلاة ، أو الإخلال بالواجب الفوريّ ، أي السجدة ، ورعاية الأوّل أولى لدى الشارع ، كما ينبئ عن ذلك بعض الأخبار الآمرة بالإيماء في أثناء الصلاة في بعض الفروع الآتية.
مضافا إلى أنّ المرجع بعد تزاحم الواجبين وتعارض دليليهما إلى استصحاب حرمة القطع ووجوب المضيّ ، وعلى تقدير الخدشة فيهما فالتخيير ، فلا يتعيّن عليه إبطال الصلاة وقطعها بسجدة العزيمة.
ولا ينافيه ظاهر الخبر (٣) الذي وقع فيه تعليل الحرمة بأنّ السجود زيادة في المكتوبة ، الذي هو عمدة مستند الحكم بحرمة الاستماع ؛ إذ لا يكاد يفهم من ذلك إلّا أنّ السجود في أثناء الفريضة مبطل لها ، فلا يجوز
__________________
ـ الجواهر فيها ٩ : ٣٤٥.
(١) نهاية الإحكام ١ : ٤٦٧ ، الروضة البهيّة ١ : ٦٠٧ ، وحكاه عنهما وعن شارح الروضة (المناهج السويّة ـ مخطوط) الشيخ الأنصاري في كتاب الصلاة ١ : ٤٠٠.
(٢) الشيخ الأنصاري في كتاب الصلاة ١ : ٤٠١.
(٣) تقدّم الخبر في ص ٢٠٣.