وهذا اشتباه ؛ إذ الصورة التي فرضوها موضعا للخلاف لو لم يكن الخلاف منحصرا فيها فلا أقلّ من كونه القدر المتيقّن الذي ينسبق إلى الذهن إرادته من كلمات الأصحاب في فتاويهم.
وكيف كان فهذه الصورة التي صرّحوا بكونها موضعا للخلاف ـ أعني ما لو قصد بالمجموع حصول امتثال الأمر بالقراءة في الصلاة ، سواء كان هذا غرضه من أوّل الشروع فيهما أو بدا له عند إرادة الزيادة ـ هي التي ينسبق إلى الذهن إرادتها من الروايات الواردة في هذا الباب ، كما لا يخفى على من لاحظها وأمعن النظر فيما تضمّنته من الفقرات المشعرة بذلك ، مثل : قوله عليهالسلام في أكثرها : «أعط كلّ سورة حقّها من الركوع والسجود» (١) وما فيها من مقابلة الفريضة بالنافلة (٢) التي لا ريب في كون الزيادة فيها بقصد الجزئيّة ، لا القراءة الخارجة من الصلاة ، واستثناء «وَالضُّحى» و «أَلَمْ نَشْرَحْ» من الجمع بين السورتين. وقوله عليهالسلام : «لا تقرأ [في المكتوبة] (٣) بأقلّ من سورة ولا بأكثر» (٤) فيستفاد مشروعيّة الزيادة بقصد الجزئيّة من نفس هذه الروايات ، بل وكذا من غيرها ممّا ورد فيها النهي عن القران بعد حملها على الكراهة ، فلا يبقى معه مجال للاستدلال على الحرمة بأصالة عدم المشروعيّة ، كما قد يتوهّم.
مضافا إلى إمكان استفادته من بعض الأخبار المتقدّمة في صدر المبحث ، التي يظهر منها أنّ وجوب السورة إنّما هو باعتبار كونها قراءة
__________________
(١) راجع الهوامش (٢ ـ ٤) من ص ٢٣٢.
(٢) راجع الهامش (٣) من ص ٢٣٢.
(٣) ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.
(٤) تقدّم تخريجه في ص ١٧٨ ، الهامش (٣).