على بطلان مذهب القائل بوجوب الإخفات.
فما ادّعاه العلّامة من الإجماع على مداومتهم على الإسرار (١) معقده ـ بحسب الظاهر ـ حكاية فعلهم عليهمالسلام فيما هو وظيفة الأخيرتين أعمّ من القراءة أو التسبيح ، كما هو ظاهر العبارة المتقدّمة (٢) المحكيّة عن المعتبر ، فيجب التأسّي بهم في الصلاة ؛ لقوله صلىاللهعليهوآله : «صلّوا كما رأيتموني أصلّي» (٣) كما تقدّم تقريبه فيما سبق.
مضافا إلى اندراجه حينئذ فيما يفهم وجوب الإخفات فيه من الصحيحة المزبورة (٤).
مع إمكان أن يقال : إنّ ثبوت جريان السنّة به في القراءة كاف في إثبات وجوبه في التسبيح أيضا من باب التأسّي ؛ نظرا إلى ما عرفت في صدر المبحث من أنّ وظيفة الركعات الأخيرة من الصلاة المفروضة من حيث هي هي التسبيح لا القراءة ، ولكن شرّع فيها قراءة فاتحة الكتاب ؛ لأنّها ذكر ودعاء ، كما صرّح به في صحيحة عبيد بن زرارة ، المتقدّمة (٥) في محلّها ، فاختيار النبي صلىاللهعليهوآله إيّاها في صلاته لكونها من أفضل مصاديق الذكر ، فلو وجب علينا التأسّي به في صلاته ، لم يجز التخطّي إلّا إلى سائر الأذكار المشروعة والإتيان بها بتلك الكيفيّة التي علمنا من مداومته ملحوظيّتها لديه ، كما لو قرأ في جميع صلاته ـ مثلا ـ سورة التوحيد جهرا
__________________
(١) راجع ص ٢٥٣ ، والهامش (٤) منها.
(٢) في ص ٢٥٢.
(٣) تقدّم تخريجه في ص ١٩ ، الهامش (٢).
(٤) في ص ٢٤٤.
(٥) في ص ١٦٩.