النبيّ صلىاللهعليهوآله كان يفعل ذلك ، وقال : «صلّوا كما رأيتموني أصلّي» (١) ولقول الباقر عليهالسلام في رجل جهر فيما لا ينبغي الجهر فيه ، وساق الحديث كما قدّمنا نقله (٢) ، ثمّ قال : وقال المرتضى (٣) وباقي الجمهور كافّة بالاستحباب ؛ عملا بالأصل. وهو غلط ؛ للإجماع على مداومة النبي صلىاللهعليهوآله وجميع الصحابة والأئمّة عليهمالسلام ، فلو كان مسنونا لأخلّوا به في بعض الأحيان (٤). انتهى.
وقد نسب غير واحد (٥) القول بوجوب الإخفات في التسبيح أيضا إلى الشهرة ، بل عن بعض دعوى الإجماع عليه (٦) ، وقد سمعت (٧) عن صاحب الحدائق نسبة وجوب الإخفات في القراءة والتسبيح في الأخيرتين إلى ظاهر الأصحاب ، فكأنّ عمدة مستندهم في ذلك أيضا ما ثبت عندهم من مداومة النبي صلىاللهعليهوآله والأئمّة عليهمالسلام على الإسرار في الأخيرتين ؛ فإنّ من المستبعد ثبوت ذلك في خصوص القراءة ، مع أنّه لدى الإسرار لا يعلم أنّه قرأ أو سبّح ، بل ربما يستشعر من بعض الأخبار الواردة لبيان أفضليّة التسبيح (٨) :أنّ النبي صلىاللهعليهوآله كان يسبّح في الأخيرتين ، فلو كان مداومة النبي والأئمّة على الإسرار مخصوصا بحال اختيارهم للقراءة ، لكان إجهارهم أحيانا دليلا قطعيّا
__________________
(١) تقدّم تخريجه في ص ١٩ ، الهامش (٢).
(٢) في ص ٢٤٤.
(٣) تقدّم تخريج قوله في ص ٢٤٤ ، الهامش (٣).
(٤) تذكرة الفقهاء ٣ : ١٥١ ـ ١٥٢ ، المسألة ٢٣٦.
(٥) مثل : الشهيد الثاني في روض الجنان ٢ : ٧٠٢ ، والمقاصد العليّة : ٢٥٩ ، والأردبيلي في زبدة البيان : ٨٤ ، والبحراني في الحدائق الناضرة ٨ : ٤٣٧.
(٦) كما في الحدائق الناضرة ٨ : ٤٣٧.
(٧) في ص ٢٥١.
(٨) الفقيه ٢ : ٢٠٢ ـ ٢٠٣ / ٩٢٥ ، وعنه في الوسائل ، الباب ٥١ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ٣.