من أنّه ذهب إلى الصمت في الأخيرتين (١).
وفيه : أنّه إن كانت التقيّة ففي الجواب لا في السؤال ، كيف! وقد فرض السائل كون الإمام الذي يصمت في الركعتين ممّن يقتدى به ، فهو لا يصمت بل يخفت.
هذا ، مع أنّ أبا حنيفة لم يذهب إلى لزوم الصمت كي يصير صفة موضّحة للركعتين عندهم ، بل لم يوجب القراءة أو الذكر ، واجتزأ بالسكوت (٢) ، وهذا لا يقتضي صيرورته عادة لهم كي يناسبه التعبير الواقع في السؤال.
نعم ، هو مناسب للجواب ، فلا يبعد كونه جاريا مجرى التقيّة ، وهو غير ضائر في المدّعى ، كما لا يخفى.
ويمكن استفادة كون المعهود في أعصار الأئمّة عليهمالسلام الإخفات بالقراءة في الأخيرتين من بعض الروايات المتقدّمة عند البحث في أفضليّة التسبيح من القراءة ، مثل قوله عليهالسلام في صحيحة معاوية بن عمّار ، التي وقع فيها السؤال عن القراءة خلف الإمام في الأخيرتين : «الإمام يقرأ فاتحة الكتاب ، ومن خلفه يسبّح ، فإذا كنت وحدك فاقرأ فيهما ، وإن شئت فسبّح» (٣) بضميمة المستفيضة التي ورد فيها الأمر بالإنصات فيما يجهر به الإمام بالقراءة (٤) ، مع ما في جملة منها من التعليل بقوله تعالى : (وَإِذا قُرِئَ
__________________
(١) راجع الهامش التالي.
(٢) المبسوط ـ للسرخسي ـ ١ : ١٩ ، البيان ١ : ١٩٠ ، العزيز شرح الوجيز ١ : ٤٩٣ ، المجموع ٣ : ٣٦١.
(٣) تقدّم تخريجها في ص ١٧٤ ، الهامش (٢).
(٤) الكافي ٣ : ٣٧٧ / ١ و ٣ ، التهذيب ٣ : ٣٢ ـ ٣٣ / ١١٤ و ١١٦ و ١٢٠ ، الاستبصار ـ