الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا) (١) (٢) وهو يأبى عن التخصيص ، مع أنّه ليس في شيء من تلك الأخبار إشعار باختصاص هذا الحكم بالأوليين ، فهذا يكشف عن أنّ المتعارف في الأخيرتين لم يكن إلّا الإخفات ، وإلّا لأمرهم بالإنصات عند إجهاره.
وكيف كان فعمدة مستند القول بوجوب الإخفات في الأخيرتين استكشاف معهوديّته في الشريعة من صدر الإسلام بواسطة السيرة والإجماعات المحكيّة المعتضدة بالشهرة ، ونقل فعل النبيّ صلىاللهعليهوآله والأئمّة عليهمالسلام وغيرها من الشواهد والمؤيّدات منضمّا إلى ما دلّ على وجوب التأسّي بصاحب الشرع في صلاته من مثل قوله صلىاللهعليهوآله : «صلّوا كما رأيتموني أصلّي» (٣) كما هو عمدة مستند الأعلام على ما يظهر من كلماتهم ، ولو لا هذا لأمكن الخدشة في دلالة الصحيحة (٤) عليه ؛ إذ الظاهر أنّ السائل لم يقصد بقوله : «فيما لا ينبغي الإجهار فيه» العموم ، بل قصد السؤال عمّن أخلّ بالجهر والإخفات في موضعهما على حسب ما كان معهودا لديهم ، فمراده بكلمة «ما» إمّا الصلاة التي ينبغي الإجهار أو الإخفات فيها على سبيل الإجمال ، أو الشيء الذي كان معهودا لديهم الالتزام برعاية الوصفين فيه من أجزاء الصلاة ، فالإنصاف أنّ الصحيحة من حيث المتعلّق لا تخلو عن إجمال.
__________________
ـ ١ : ٤٢٧ ـ ٤٢٨ / ١٦٤٩ و ١٦٥١ ، الوسائل ، الباب ٣١ من أبواب صلاة الجماعة ، الأحاديث ٥ ، ٦ ، ١٥.
(١) الأعراف ٧ : ٢٠٤.
(٢) الفقيه ١ : ٢٥٦ / ١١٦٠ ، الوسائل ، الباب ٣١ من أبواب صلاة الجماعة ، ح ٣.
(٣) تقدّم تخريجه في ص ١٩ ، الهامش (٢).
(٤) أي صحيحة زرارة المتقدّمة في ص ٢٤٤.