وخبر محمّد بن مروان قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن صلاة الظهر يوم الجمعة كيف نصلّيها في السفر؟ فقال : «تصلّيها في السفر ركعتين ، والقراءة فيها جهرا» (١).
وظاهر هذه الأخبار خصوصا الأخيرين منها : الوجوب ، ولكنّه يتعيّن حملها على الاستحباب ؛ لعدم معروفيّة القول بالوجوب عن أحد ، بل قد يظهر من خبر محمّد بن مسلم ، المتقدّم (٢) مخالفة الإجهار في غير الجمعة المشتملة على الخطبتين ـ أي صلاة الجمعة التي يشترط فيها الحضور والخطبتان ـ لسيرة المسلمين بحيث كان يعدّ فعله لديهم من المنكرات ، مع قضاء العادة بأنّه لو كان الإجهار في ظهر يوم الجمعة واجبا ، لصار من حيث عموم الابتلاء به من ضروريّات الدين فضلا عن أن يكون خلافه معروفا بين المسلمين.
نعم ، هذه المعروفيّة لا تنافي استحبابه ؛ إذ ربّ مستحبّ يصير مهجورا في العادة لعلّة مقتضية لاختيار خلافه ، ألا ترى اشتهار الفتوى باستحبابه قديما وحديثا؟ مع استقرار السيرة بخلافه بحيث يعدّ الإجهار في أنظار العرف من المنكرات.
والحاصل : أنّ معروفيّة الإخفات بين المسلمين واشتهار القول بعدم وجوب الجهر بين العلماء من غير نقل خلاف فيه بل نقل الإجماع عليه دليل قطعيّ على عدم وجوبه ، فلا بدّ حينئذ من حمل الأمر الوارد في الأخبار المزبورة على الاستحباب.
__________________
(١) التهذيب ٣ : ١٥ / ٥٢ ، الاستبصار ١ : ٤١٦ / ١٥٩٦ ، الوسائل الباب ٧٣ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ٧.
(٢) في ص ٢٥٨.