خلافا لما حكي عن جماعة (١) من القول بالتخيير لهنّ مطلقا ، سواء كان في مواضع الجهر أو الإخفات ؛ للأصل بعد اختصاص دليل اعتبارهما بالرجل.
وفيه : أنّ اختصاص النصّ الوارد فيهما بالرجل لا يمنع استفادة حكم النساء منه بقاعدة المشاركة الثابتة بالإجماع وغيره ، فهل هذا إلّا كقراءة العزيمة أو القران ونحوه ممّا ورد النصّ الدالّ عليه في الرجل؟
نعم ، في استفادة وجوب الجهر عليها ـ لو لا الدليل على خلافه ـ من النصّ الدالّ عليه في الرجل بقاعدة المشاركة لا تخلو عن نظر ، ولذا جعلنا الأصل أيضا في ذلك المقام دليلا على تقدير الإغماض عن سائر الأدلّة ؛ إذ لو كان لقاعدة المشاركة دليل لفظيّ فضلا عن أنّ عمدة دليلها الإجماع ونحوه من الأدلّة اللّبّيّة التي يدّعى كونها بمنزلة عموم لفظيّ ، لأمكن دعوى انصرافه عن مثل الجهر بالنسبة إلى المرأة التي لها خصوصيّة مقتضية لعدم مطلوبيّة الجهر منها ، حتّى أنّ المشهور ذهبوا إلى أنّ صوتها عورة ، فيشكل استفادة حكمها ـ بعد إحراز مثل هذه الخصوصيّة ـ ممّا دلّ على وجوب الجهر أو استحبابه في حقّ الرجل ، ولذا لا يفهم أحد ممّا دلّ على استحباب رفع الصوت في الأذان مهما أمكن ثبوته للنساء مع مغروسيّة قاعدة المشاركة في أذهان جميع المتشرّعة ، وهذا بخلاف الإخفات في مواضعه ؛ فإنّ خصوصيّتها مقتضية لتأكّد مطلوبيّته ، فهي مؤكّدة لعموم القاعدة في مورده ، ولذا لا يتوهّم أحد من المتشرّعة الاختصاص فيما لو
__________________
(١) منهم : الشهيد الثاني في الروضة البهيّة ١ : ٦٠٠ ، والمقاصد العليّة : ٢٤٩ ، والفيض الكاشاني في مفاتيح الشرائع ١ : ١٣٤ ، مفتاح ١٥٦ ، وحكاه عنهما العاملي في مفتاح الكرامة ٢ : ٣٨٤.