يصدق كلّيّ على شيء ، كالقرآن على البسملة التي لم يقصد لسورة ، وأن لا يصدق عليه أنّه جزء من هذه السورة ولا من ذيك ولا من تلك ، نظيره : ما إذا طلب المخاطب الإتيان برجل مبهم شائع ، فإنّه يصدق عليه أنّه طلب رجلا ، لكن لا يصدق عليه أنّه طلب زيدا ولا أنّه طلب عمروا ولا أنّه طلب بكرا وإن كان كلّ من أتى به حصل الامتثال ، لكن الكلام في تمثيل القراءة وتشبيهها بالطلب ، وأنّه لا يجب على ما يعرض للواحد المبهم أن يعرض لشيء من الآحاد الخاصّة ، فإنّا نرى بالعيان أنّ من قصد بالبسملة مجرّد القرآن لا يصدق عليه أنّه قرأ بعض سورة التوحيد ولا بعض سورة كذا ولا بعض سورة العزيمة ، فكلّ حكم يترتّب على سورة خاصّة وجزئها لا يترتّب على قراءة هذه البسملة ، فإذا أمر الشارع تخييرا بقراءة سورة من بين السّور ، فلا بدّ من أن يصدق حين القراءة أنّه مشغول بالسورة الفلانيّة ، وهذا مسلوب عن هذا الشخص (١). انتهى.
أقول : بعد فرض صدق قراءة القرآن على هذه البسملة كما هو الحقّ وجب أن يكون المقروء من أجزاء القرآن ؛ ضرورة عدم صدق قراءة القرآن على قراءة ما ليس من أجزائه ، فصحّة سلب القراءة عن كلّ جزء جزء يناقض ثبوتها في الجملة ، فالذي يصحّ سلبه هو نفيه عن كلّ واحدة منها بعنوانها المخصوص بها من جزئيّتها لهذه السورة أم من ذيك ، وأمّا بعنوان كونها بسملة من حيث هي فكلّ منها مصداق لها ، كما في مثال الطلب ، فإنّ معنى أنّه لم يطلب زيدا أو عمروا أو بكرا هو أنّ واحدا منها بخصوصه لم يتعلّق به الطلب ، لا أنّه مغاير لما تعلّق به الطلب ، وهو فرد ما من الرجل ،
__________________
(١) كتاب الصلاة ١ : ٤٤١ ـ ٤٤٢.