وإلّا امتنع تحقّق الامتثال به ، بل كلّ منها مصداق للمطلوب ولكن خصوص شخصه غير مقصود بالطلب ، فهذا معنى أنّه لم يطلب زيدا ، وإلّا فما يأتي به من المصاديق عين ما تعلّق به الطلب ، فإنّ الكلّيّ الطبيعي الذي هو متعلّق الطلب عين مصاديقه الخارجيّة ، ففيما نحن فيه نقول : إذا التفت إجمالا إلى وجود البسملة في القرآن أو قوله تعالى : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) في سورة الرحمن ، فقرأها في صلاته بقصد تلك الآية التي تصوّرها على سبيل الإجمال ، صدق عليه أنّه قرأ آية من القرآن أو من سورة الرحمن ، ولكن المقروء هو طبيعة تلك الآية الصادقة على كلّ من مصاديقها ، فيصدق على كلّ منها أنّها هي الآية التي قرأها ولكن لا على وجه يميّزها عمّا يشاركها في الماهيّة ، فيصحّ أن يجعلها جزءا من أيّ سورة شاء بانضمام الباقي إليها ؛ لأنّه بعد الانضمام يصدق أنّه قرأ مجموع هذه الآيات التي هي تمام السورة ، أمّا جزؤها الأوّل الذي هو البسملة فقد قرأها على سبيل الإبهام والإجمال ، وما عداه تفصيلا.
نعم ، لا يقع مثل هذه القراءة إطاعة للأمر بقراءة هذه السورة لو كانت هي بعينها متعلّقة للطلب ، كما في فاتحة الكتاب ؛ لعدم وقوع جزئها الأوّل على الوجه الذي تعلّق به الطلب ، أي بعنوان جزئيّتها لهذه السورة ، وأمّا إذا كان المأمور به قراءة سورة على الإطلاق كما فيما نحن فيه ، فلا مانع عن صحّتها بعد فرض كون هذا العنوان مقصودا له حال الإتيان ببسملتها.
فالأظهر عدم اعتبار قصد سورة معيّنة ، ولكن لو عيّنها خرجت البسملة عن صلاحيّة الجزئيّة لما عداها ، فلو بدا له العدول حينئذ فعليه إعادة البسملة ، بخلاف ما لو قرأها على جهة الإبهام والإجمال ، كما يظهر وجهه ممّا مرّ.