ثمّ إنّا لو اعتبرنا التعيين ، يكفي في حصوله القصد الإجمالي الموجب لاختيار سورة خاصّة في صلاته بمقتضى عادته ، فلا مناقضة بين ما حكي عن الشهيد والمحقّق الثاني وغيرهما من الفتوى بصحّة الصلاة فيما لو جرى على لسانه بسملة مع سورة ؛ مستدلّين بتحقّق الامتثال ، وبين ما حكي عنهم من اعتبار التعيين (١) ؛ فإنّ جري المجموع على لسانه لا يكون إلّا بداع واحد ، فلا يعقل أن تكون البسملة الجارية على لسانه غير بسملة تلك السورة حتى لو فرض كون منشئه مجرّد تعويد اللسان وحصول النطق بها لا عن قصد ، كما في النائم ، فإنّ التعويد يؤثّر في النطق بما تعوّد به ، وهو المجموع ، دون غيره ، فلا يشكل صحّة صلاته في مثل هذا الفرض أيضا من هذه الجهة ، بل من حيث اعتبار قصد الإطاعة في أجزاء الصلاة ، فلو لم يكن ذهوله منافيا لانبعاث ما جرى على لسانه عن عزم إطاعة الأمر بالصلاة كما هو المعتبر في سائر أجزائها ، لا يكون منافيا لصحّتها ، كما ربما يومئ إليه بعض الأخبار الآتية في مسألة العدول.
الثاني : لا خلاف على الظاهر في أنّه يجوز العدول من سورة إلى أخرى في الجملة.
وفي الحدائق قال : المشهور بين الأصحاب ـ رضوان الله عليهم ـ جواز العدول من سورة إلى أخرى ما لم يبلغ نصفها أو يتجاوز نصفها على الخلاف في ذلك ، وأنّه يحرم بعد بلوغ الحدّ المذكور ، إلّا في سورتين :التوحيد والجحد ، فإنّه يحرم العدول عنهما بمجرّد الشروع فيهما ، أو يكره
__________________
(١) الذكرى ٣ : ٣٥٥ ، جامع المقاصد ٢ : ٢٨١ ـ ٢٨٢ ، والجعفريّة (ضمن موسوعة حياة المحقّق الكركي وآثاره) ٤ : ١٧٢ ، والحاكي عنهما هو العاملي في مفتاح الكرامة ٢ : ٤١١ و ٤١٢.