بتعيّن التسبيح فيما بينهم ـ حتى أنّه جعله في محكيّ الانتصار من متفرّدات الإماميّة (١) ، وعن الغنية وغيره نسبته إلى إجماعهم (٢) ـ مع صحّة مستند القول بالكفاية وصراحته وسلامته عن المعارض تورث الوسوسة في النفس بحيث تمنعها عن التعويل على الخبر خصوصا مع موافقته للعامّة.
ولا يجدي اشتهار العمل به بين المتأخّرين في دفع هذه الوسوسة ؛ لاختفاء القرائن المقتضية لطرح الخبر عليهم غالبا.
ولكن قد سمعت (٣) حكاية القول بالكفاية عن الشيخ وغيره بل عن الحلّي دعوى الإجماع عليه ، فيحتمل أن يكون مراد القائلين بتعيّن التسبيح في فتاويهم ومعاقد إجماعاتهم المحكيّة تعيّنه من حيث التوظيف في أصل الشرع في مقابل أبي حنيفة والشافعي وأحمد المنكرين لاستحباب هذا التسبيح المعروف بين الإماميّة على ما قيل (٤) ، كما ربما يؤيّد ذلك ما حكي عن الأمالي أنّه جعل من دين الإماميّة الإقرار بأنّ الذكر في الركوع والسجود ثلاث تسبيحات وأنّ من لم يسبّح فلا صلاة له إلّا أن يهلّل أو يكبّر أو يصلّي على النبي صلىاللهعليهوآله بعدد التسبيح (٥) ؛ فإنّ ظاهره كون الاستثناء أيضا من دين الإماميّة ، فالإنصاف أنّه لم يتحقّق إعراض القدماء عن الخبرين بحيث يسقطهما عن الاعتبار ، فالالتزام بمفادهما ـ وهو كفاية كلّ ذكر ـ أشبه
__________________
(١) الانتصار : ٤٥ ، وحكاه عنه العاملي في مفتاح الكرامة ٢ : ٤١٨.
(٢) الغنية : ٧٩ ، والخلاف ١ : ٣٤٨ ـ ٣٤٩ ، المسألة ٩٩ ، والوسيلة : ٩٣ ، وحكاها عنها العاملي في مفتاح الكرامة ٢ : ٤١٨.
(٣) في ص ٤٣٣.
(٤) القائل هو الشيخ الأنصاري في كتاب الصلاة ٢ : ٢٠.
(٥) الأمالي : ٥١٠ ـ ٥١٢ ، المجلس (٩٣) وكما في كتاب الصلاة للشيخ الأنصاري ٢ :٢٠ ، وحكاه عنه العاملي في مفتاح الكرامة ٢ : ٤١٨.