الذهن بركوع القائم يورث تصوير ما يشابهه في الجالس على حسب ما يناسب حاله ، لا لأجل أنّ هذا هو معناه عرفا ، بل لأجل أنّ هذا هو المناسب إرادته في خصوص المقام ، ولذا يتصوّره من لا يفهم للركوع معنى عدا ما يعرفه في الصلاة كالعجمي ونحوه ، فكأنّ من حدّده بالوجه الأوّل زعم أنّ هذا هو الذي ينسبق إلى الذهن من الأمر به بمقتضى المناسبة الناشئة من المقايسة إلى ركوع القائم ، ومن حدّده بالوجه الثاني نظر إلى أنّ الانحناء الركوعي يتقوّم بالنصف الأعلى من الجسد الذي لا يختلف حاله في القيام والقعود ، فعليه أن ينحني ظهره حال كونه جالسا بمقدار ما كان ينحني ظهره حال كونه قائما ، فأدناه أن ينحني بمقدار ما لو كان قائما لوصل كفّاه إلى ركبتيه ، وهذا المقدار من الانحناء يلزمه محاذاة الوجه أو بعضه ما قدّام ركبتيه عند الجلوس ، وأعلاه أن يعتدل ظهره ، فتحاذي جبهته موضع سجوده لو سجد وهو على تلك الهيئة من غير أن يغيّر وضعه بتقديم جثّته بل بتأخير رجليه تحقيقا لوقوع السجدة عليهما وعلى عين ركبتيهما.
وكيف كان فالتحديد بهذا الوجه إن لم يكن أقوى فلا ريب في أنّه أحوط.
وأمّا الوجه الأوّل فمقتضاه كفاية نصف هذا المقدار تقريبا ، فإنّه إذا انحنى الجالس نصف المقدار الذي كان ينحني في ركوعه قائما ، يصير بالنسبة إلى الجالس المنتصب كالراكع بالإضافة إلى القائم ، وهو لا يخلو عن إشكال.
ويحتمل أن يكون المراد بهذا التحديد أيضا ما يرجع إلى الأوّل بأن يكون الملحوظ في النسبة هو خصوص ظهره الذي يتقوّم به الانحناء والانتصاب الذي لا يختلف الحال فيه لدى القيام والقعود ، فمعناه حينئذ أنّه