عنقه فتحاذي جبهته موضع سجوده ، وأدناه انحناؤه إلى أن تصل كفّاه إلى ركبتيه ، فيحاذي وجهه أو بعضه ما قدّام ركبتيه من الأرض ، ولا يبلغ محاذاة موضع السجود ، فإذا روعيت هذه النسبة كان أكمل ركوع القاعد أن ينحني بحيث تحاذي جبهته مسجده ، وأدناه وجهه ما قدّام ركبتيه.
وفي الجواهر ـ بعد نقل الكيفيّتين من غير واحد من الأصحاب تبعا لبعض العامّة (١) ـ قال : والوجهان متقاربان ، والأصل في ذلك أنّ الانحناء في الركوع لا بدّ منه ، ولمّا لم يمكن تقديره ببلوغ الكفّين الركبتين لبلوغهما من دون الانحناء ، تعيّن الرجوع إلى أمر آخر به تتحقّق المشابهة للركوع من قيام. وفيه : أنّه متّجه لو لم تكن له هيئة عرفيّة ينصرف إليها الذهن عند إطلاق الأمر به من جلوس ، فالأولى حينئذ إناطته بذلك ، كما عن الأردبيلي (٢). اللهمّ إلّا أن يراد تحديد العرف بذلك ، والأمر حينئذ سهل (٣). انتهى.
أقول : الرجوع إلى العرف إنّما يتّجه لو قلنا بأنّه ليس للركوع المعتبر في الصلاة حقيقة شرعيّة ولا حدّ شرعيّ تعبّديّ ، وما ثبت في القائم إمّا لبيان مفهومه العرفي ، أو تقييد شرعيّ يختصّ بمورده ، فمقتضى القاعدة حينئذ في ركوع القاعد الرجوع إلى ما يقتضيه إطلاق دليله ، وهو لا يخلو عن إشكال ؛ إذ الظاهر ـ بعد الغضّ عن أنّه ليس في المقام أثر لفظيّ صالح للرجوع إلى منصرفه ـ أنّ الهيئة العرفيّة التي ينصرف الذهن إليها عند إطلاق الأمر به من جلوس إنّما هي بمقايسته إلى ركوع القائم ؛ حيث إنّ أنس
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ١ : ٤٨٣.
(٢) مجمع الفائدة والبرهان ٢ : ١٩٢.
(٣) جواهر الكلام ٩ : ٢٦٢ ـ ٢٦٣.