الإيماء على التشهّد والتسليم ونظائرهما قياس مع الفارق ؛ فإنّ عدم تصوّر معنى الشهادة ونحوها لا يخرج لفظها عن كونه تلفّظا بالشهادة ، كما هو الواجب عليه في مقام إسقاط التكليف.
وأمّا العاجز الذي فرضه الإيماء بعد فراغه من القراءة ما لم يضمر في نفسه شيئا يقصده بالإشارة امتثالا لأمره فلا يصدر منه إلّا مجرّد تحريك رأسه بقصد جزئيّته من صلاته ، وهو بهذا العنوان لم يتعلّق به التكليف ، بل بعنوان الإيماء ، فإيماء العاجز عن الركوع والسجود ليس إلّا كإيماء الأخرس وتحريك لسانه القائمين مقام قراءته وتشهّده وسائر أذكاره ، ومن الواضح أنّه لا يجديه مجرّد تحريك اللسان بقصد الجزئيّة ما لم يميّز المشار إليه في ضميره ولو على سبيل الإجمال.
نعم ، غمض العين لا يتوقّف حصوله على أمر خارج عن ذاته لو لم يعتبر فيه قصد الإشارة ، ولكنّه معتبر فيه على الظاهر ؛ إذ الظاهر أنّه لم يتعلّق الأمر به إلّا بلحاظ كونه نحوا من الإيماء ، مع أنّ عنوان البدليّة مأخوذ فيه بمقتضى ظاهر دليله ؛ إذ المتبادر من قوله عليهالسلام في خبر (١) محمّد ابن إبراهيم : «فإذا أراد الركوع غمّض عينيه» إلى آخره ، بل وكذا من سائر أخبار الباب الواردة في الإيماء أنّ الشارع جعل الإيماء برأسه أو تغميض عينيه قائما مقام الركوع في إسقاط أمره ، بمعنى أنّ الشارع تصرّف بالنسبة إليه في متعلّق التكليف بأن جعل غمض عينيه ركوعا وفتحهما رفعا ، لا أنّه أوجب عليه عوضا عن الركوع الإيماء أو التغميض كالتيمّم بدلا عن الوضوء لفاقد الماء ، بل أوجب عليه الإيماء أو التغميض عوض ركوعه وسجوده ،
__________________
(١) تقدّم تخريجه في ص ٥٩ ، الهامش (٣).