فشد عقبنا ، وجدّ في سيره إلى أن أدركنا ، وتقدم أمامنا ، وتعرض لنا في الطريق ، وطلب بذلك شرنا ، وأرسل بكلام فهمنا منه الهوى والغرض في الأمور. فأجبناه بجواب لائق بمقامه.
والقصد أنه إذا وصل إليكم تركبون إليه على جاري عادتكم ، وتلبسون القفطان الوارد صحبته ، فإنه عديم الحركة من طرف السلطنة العلية ، ولا عنده ما يطفيء [به](١) فتيلة».
فلما فهم حضرة الشريف من نصوح باشا الهوى والغرض بهذا الفعل ، وحزم أمره ، وجمع العربان ، واعتد لمدافعته ونزوله عما هو عليه.
وأراد كشف ما هو منطو عليه ، فكان تدبيره : أن أرسل إليه كتابا وجماعة من الأعيان إلى الوادي (٢) يردونه إلى الصواب ، ويعرفونه بالقواعد والقوانين (٣) ، وأخبروه بأن حضرة الشريف يقول لكم :
«التقدم في دخول مكة المشرفة لأمير المصري ثم الشامي».
فامتثل الأمر ، ووافق على ذلك ، وأزال ما كان في نفسه لعدم التمكن من مراده ، وألبس مولانا السيد يحيى بن بركات فرو سمور ، وقدم له فرسا مكملة العدة ، وألبس باقي الجماعة أصوافا ، وأرسلهم إلى أمير المصري يخبرونه بذلك المجلس. وربما أرسل إليه حضرة الشريف ، وأنه يتقدم على جاري عادته.
وكان أمير المصري في ذلك اليوم نزل الوادي ، فتوجهوا إليه
__________________
(١) ما بين حاصرتين من (ج).
(٢) وادي مر الظهران.
(٣) هي القواعد والقوانين التي كانت تراعى في دخول مكة لأمراء الحاج حيث كان يدخل المصري ثم الشامي.